قبل 30 عاما من الآن، كان صغيرا يصرخ من شدة الألم، بعد تعرض ساقه للحرق، ففوجئ بوالده الرجل الأربعيني وقتها يهرول إليه مسرعا والخوف والقلق يكسوان معالم وجهه ويؤثران على نبرة صوته، ليحمله فوق كتفيه متوجها به إلى أقرب مستشفى لتداركه بالعلاج اللازم، وهو يغالب دموعه.
قطع الأب مسافة 2000 متر سيرا على الأقدام وابنه فوق كتفيه، للوصول لأقرب وحدة صحية، فلم يشعر حينها بتعب السير، وإنما كان كل همه منصبا على الصغير الذي يصدر تأوهات من شدة ألم حروق قدمه، لتذرف عينا الأب دموعا خوفا على نجله، وفي الوقت نفسه يحاول بشكل مستمر طمأنته وتشجيعه على تحمل الألم ليتلقى العلاج، وبالفعل نجح الأب في علاج فلذة كبده وإنقاذه من الحروق الشديدة التي أصابته، غير أن هذا الصغير لن ينسَ أبدا هذا الموقف، بل ربما سيتغير بسبب الكثير، ليس في حياته وحده ولكن في حياة كل أب، وهذا ما حدث بعد 22 عاما من هذه الواقعة، أو قبل 8 سنوات من الآن.
كبر الصغير، الذي يدعى ياسر التركي، ولم ينسَ موقف والده، ليقرر بعد كل هذه الأعوام رفع دعوى لتخصيص يوم لعيد الأب، ردا لجميل والده، وفق حديثه لـ«الوطن».
تخصيص يوم للاحتفال بـ الأب
يقول ياسر التركي، إنه هذا الموقف الذي أصبح ذكرى، أصاب قلبه بشدة ولم يستطع نسيانه مهما مضى العمر، ليقرر قبل 8 سنوات من اليوم، أن يرفع دعوى لتخصيص يوم للاحتفال بعيد الأب، تقديرا لمكانته العظيمة، وتحمله المشقة والعناء في تربية أبنائه، كما فعل والده معه من قبل: «رفعت أول دعوى عشان يكون فيه عيد أب مصري، وذلك في عام 2015 علشان الأبناء يوجهوا الشكر للآباء في هذا اليوم، لأننا نحتاج كلمة حلوة خصوصا منهم علشان يقدروا تعبنا».
مرات من الرفض ومن عدم اليأس
ويؤكد ياسر التركي، أن الدعوى التي رفعها أمام القضاء الإداري بمحافظة أسيوط، رفضت أكثر من مرة، إلا أنه لم يكل أو يمل في كل مرة، بل يزيده الرفض إصرارا عليها، على الرغم من شعور كل محامٍ يوكله لرفع الدعوى بالملل من طول المدة والرفض المستمر لها، فضلاً على أن جميع الأطراف من محافظة المنيا، ما يستدعي سفرهم لتقديم الأوراق في أسيوط كل مرة، فما كان منهم إلا أن يتركوا القضية حتى تولاها في الفترة الحالية أحد أصدقائه المؤمنين بفكرة تخصيص يوم لعيد الأب: «كتير مسكوا القضية وسابوها علشان الرفض والسفر ولكني مش هيأس لأن موقف والدي كل يوم في بالي لما كان بيدمع علشان وجعي وكنت أسأله بتعيط ليه يقولي عيني اتطرفت علشان ما يضايقنيش فعايز أقوله شكرا ليه ولكل أب بيتحمل الوجع علشان خاطر أولاده».
تأجيل الجلسة لـ 22 يوليو المقبل
ويشير التركي، إلى آخر تطورات الدعوى، مؤكدا أنها تأجلت إلى يوم 22 يوليو المقبل، مؤكدا أمله هذه المرة في قبولها، مضيفا «عاوز تخصيص يوم للأب ينتظر فيه قبلة صغيرة وكلمة تهنئة في يوم يكون عيد له، عشان الأبناء يقدروا الجهد الذي يبذله كل أب لتوفير احتياجات الأسرة، دون أن يشعر أبنائه بكم المشقة والعناء الذي شعر بهم».
ويختم صاحب أول دعووى لتخصيص عيد للأب بقوله: «معايا بنتين دائما بيدعموني إني أكمل في الدعوى علشان مقدرين قيمة والدهم وبيحبوه علشان كدة مكمل للنهاية، ولو اترفضت يوم 22 المقبل، هارفع دعوى تاني لغاية ما أقابل وجه كريم».
تعليقات الفيسبوك