محمد عوض الشهير بـ«شرارة».. البطل الحقيقي لمسلسل «برج الحظ»
تخلى عن «البحرية» وحقق نبوءة مدرس الفلسفة
الفنان محمد عوض
كان محمد عوض حالة خاصة في عالم الكوميديا، ممثل موهوب لم تشغله حسابات البطولة المطلقة، لأنه كان يرفع شعار «نمرة 2 يكسب»، أدواره خلف الكاميرا ليست بعيدة عن حياته الخاصة، وأكثر أعماله نجاحا كان هو بطل قصته الحقيقية، فحين قدم دور «شرارة» كان رافضا للخرافات التي اجتاحت المجتمع المصري في أواخر السبعينيات، لأنه عانى من تصنيفه باعتباره شخص يجلب النحس للآخرين، بل إنّ زملاءه في الوسط الفني حددوا شخصين بالاسم واعتبروا أنّ ظهورهما في البلاتوهات كان كفيلا بتوقف التصوير.
محمد عوض يتخلى عن «البحرية» لأجل التمثيل
الاسم محمد محمد عوض يوسف، من مواليد 12 يونيو 1932 بحي العباسية في القاهرة، ولد وحيد على 3 بنات، عاش طفولته بالطول والعرض.. وتنعّم بدلع «الأب الشرقاوي»، لعب كرة القدم، وانضم لفريق الكشافة، وشارك في رحلات ومسابقات مدرسية كثيرة.
كان عوض «شاطر» في المدرسة بشهادة أستاذ الفلسفة في التوجيهية «الثانوية العامة حاليا»، وكان مدرس الفلسفة أول من تنبأ بمستقبله الفني، حين شاهده في مسرحية الريحاني «الدنيا ماشية كده» التي قدّمها مع زملاءه في مسرح المدرسة، وقتها قال له: «أنت كويس في الفلسفة.. بس هتكون ممثل له مستقبل كبير»، فعاش الطلاب الموهوب حالة من الارتباك، بين حلمه القديم بدخول مدرسة البحرية، ونبوءة أستاذه عن نبوغه في التمثيل، لكن الرحيل المباغت للأب حسم الأمر، ومنحه دور البطولة في تحمل مسؤولية الأسرة، ليلتحق بمدرسة إبراهيم باشا الكبير «جامعة عين شمس حاليا»، وينضم في ذات الوقت لفرقة نجيب الريحاني المسرحية، ليحصل على أجر بلغ 8 جنيهات في الشهر.
محمد عوض يدرس الفلسفة وينضم لفرقة الريحاني
درس محمد عوض الفلسفة، لكنه التحق بعد تخرجه بمعهد الفنون المسرحية، وانضم بعد تخرجه عام 1962 إلى فرقة المسرح الحر، مع الاحتفاظ بأدواره في فرقة الريحاني، وزاد نشاطه الفني بالانضمام للبرنامج الإذاعي «ساعة لقلبك»، وكان يقدم شخصية «الأليط»، إلى أن جاءت المحطة الأهم في حياته.. مع تكوين فرق التليفزيون المسرحية، حين منحه الفنان عبدالمنعم مدبولي بطولة مسرحية «جلفدان هانم» ليقدم دور «عاطف الأشموني» وهي الشخصية التي وضعته في دائرة الضوء، فقرر أن يطلق الاسم على أول أبنائه، وكان وقتها متزوجا بـ«قوت القلوب عبدالوهاب» زميلة دراسته، وأم أبنائه الفنانين الثلاثة، مصمم الاستعراضات الراقصة «عاطف»، والمخرج «عادل» والممثل «علاء».
محمد عوض يستعين بدوبلير على المسرح
توالت أعمال محمد عوض على مسرح التلفزيون، وقدّم «أصل وصورة» و«مطرب العواطف»، والعرض الأخطر «العبيط»، الذي أصرّ الكاتب العبقري سيد بدير على إضافة جملة في كل الإعلانات والدعاية الخاصة به، لتتضمن «مسرح التلفزيون يقدم.. العبيط محمد عوض»، فوجد بطل المسرحية نفسه محاصرا بهذا اللقب في كل مكان يذهب إليه، وأصبح الناس ينادون عليه في الشوارع «يا عبيط»، ولم يخلصه من هذا اللقب سوى مسرحية «نمرة 2 يكسب»، حيث أدى 4 شخصيات على المسرح، واضطر للاستعانة خلال العرض بـ3 أشخاص يشبهونه في الملامح والحجم، وكانوا يظهرون على خشبة المسرح مع بداية ونهاية مشاهده كدوبلير، ليصيبوا الجمهور بالحيرة، فحققت المسرحية إيرادات جعلت من بطلها ماركة مميزة في المسرح، وقدم نحو 80 مسرحية.
مشروع السد العالي يؤخر نجومية محمد عوض في السينما
طرق محمد عوض أبواب السينما عام 1960 بفيلم «شجرة العائلة»، وظل يقدم الأدوار المساعدة، وزادت مساحة ظهوره في منتصف الستينيات، وتأخرت خطواته الأولى على الشاشة الذهبية قليلا، لأنه كان مشغولا وقتها بدعم مشروع السد العالي، الذي كان حلما وفرت الدولة كل السبل لتحقيقه في أسرع وقت، ولم يكن العاملين بالمشروع يحصلون على إجازات سوى على فترات بعيدة، لذا قرر أن يكون أول فنان يقدم عروضا فنية في مواقع عمل السد.
ومثلما كان افتتاح السد العالي لحظة انتصار للدولة المصرية، كانت السنوات التالية له لحظة انطلاق لنجومية محمد عوض في السينما، وأصبح صاحب النصيب السينمائي الأكبر بين كل نجوم الكوميديا وقتها، وصاحب ظهور مميز مع الكثير من النجوم، مثل «حسن يوسف، فؤاد المهندس، يوسف فخر الدين، وأحمد رمزي»، وكان له حضورا مميزا في 40 فيلما، منها: «أصعب جواز، الشياطين في إجازة، وأخواته البنات عام 1976 الذي قدّم فيه مونولوجات غنائية»، وكان آخر ظهور له على الشاشة الذهبية فيلم «أي أي» مع ليلى علوي، عام 1992، ليفارق الدنيا بعدها بـ5 سنوات في 27 فبراير 1997.
سر ارتباط محمد عوض بلقب «شرارة»
كان التلفزيون محطة مهمة في تاريخ محمد عوض، منحه فرصة مميزة لمواجهة أخطر الظواهر الاجتماعية التي اجتاحت المجتمع نهاية السبعينيات، وهي «التشاؤم» الذي وصل إلي حد تصنيف الناس باعتبارهم يجلبون الحظ أو النحس، فقدم نجم الكوميديا دور «شرارة» في مسلسل «برج الحظ» عام 1978، الذي كتبه لينين الرملي وأخرجه يحيى العلمي، وشاركته بطولته صفاء أبوالسعود، وحقق المسلسل نجاحا امتد لسنوات، لدرجة أنّ التلفزيون استضاف بطله عام 1992 ليناقش هذه الظاهرة ويعرف حكايته معها، وقتها اعترف بأنّه لا يؤمن بمثل هذه الخرافات.
عانى محمد عوض من تصنيفه كـ«شخص يجلب النحس للمحيطين به»، وقال إنّ بعض زملاءه في الوسط الفني كانوا يؤمنون بهذا الأمر، وحددوا شخصين كانوا يعتبرون ظهورهم في البلاتوه كفيل بوقف التصوير، لأن أحدهم تصادف ظهورة مع لحظة احتراق لمبة اضاءة، وآخر تصادف لحظة ظهور سقوط أحد الممثلين على الأرض بعد تعثر قدمه في الديكور.
الحكاية الأغرب التي وضعت محمد عوض في موقف محرج لن ينساه، كان حين هاتفه أحد اقاربه في مرة يطلب منه بإلحاح زيارته في منزله، وحين ذهب إليه فوجئ بمجرد ضغطه على جرس الباب ببلكونة المنزل تسقط على سيارة مركونة في ورشة ميكانيكي قرب العقار، وانتبه وقتها أنّ الميكانيكي ظل ينظر إليه ويضحك، وحين ذهب إليه ليسأله عن سبب ضحكه شعر الميكانيكي بالخجل، وذهب إلى قريب الكوميديان الشهير، وتحدث معه قليلا ثم غادر المكان، بعدها دخل «عوض» لمنزل قريبه، وجلس يستمع منه لحكاية الميكانيكي، الذي قال إنّ البلكونة متهالكة منذ فترة والجميع يخشى سقوطها، وكان الميكانيكي يعرف أنّهم أقارب محمد عوض الشهير بـ«شرارة»، وكان يأتي إليهم من وقت لآخر ليسألهم متى يزوركم، فقرروا استدعاءه لزيارتهم ليعرفوا سر هذا السؤال، وحين حضر وسقطت البلكونة ضحك الميكانيكي، لأنه كان يسأل عن موعد الزيارة ليتمكن من إخلاء المكان أسفل البلكونة.. انتهت الحكاية وظل «عوض» وقتها داخل المنزل ولم يغادره إلا بعد أن أغلق الميكانيكي الورشة، وأصبح الشارع خالٍ من المارة.