سيد حجاب: لست شاعرا للأنظمة وأتمنى أن يحاكم مبارك على الجرائم الحقيقة
قال الشاعر سيد حجاب، في حواره ببرنامج "مساء الخير"، الذي يقدمه الإعلامي محمد علي خير، عبر فضائية "سي بي سي تو"، إن هذه هي الفرصة الأخيرة للحاق بالعصر، ولو مرت من بين أيدينا سنخرج من قطاع التاريخ، موضحًا أن أي التواءات عن المسار سيكون الوطن أول إبداع إنساني كبير، لأن مصر قامت من قبل بتسطير سطور الحضارة، ولهذا ستنتقل من زمن التوحش الرأسمالي، إلى العدالة الاجتماعية، ومن عصر الرشد إلى عصر الحكمة المبنية على العدل وحقوق الإنسان.
وتابع حجاب، "كأن مصر لا يسمح لها أعدائها بالتقدم، وهذا مع حدث مع محمد علي باشا، عندما تكاتفت قوى الشر وأجبرته على معاهدة لندن".
وتحدث عن المطرية ونشأته، وقال :"كانت رأس مثلث، وأكبر المدن على بحيرة المنزلة، وبورسعيد كانت عاصمتنا الحضارية، وأول تعرف على شكل الاستعمار كان فيها، وكان سني 7 سنوات، وكنت حينها بالمعدية ووجدت عربات جيب عليها إنجليز، وكانت هي المرة الأولى، وأدركت كم نحن محرومين من السيادة في بلدنا، وأنا من أبناء جيل الستينيات، وهو الجيل الذي كبر ولا يرضى عن أرضه، حيث يرى أنها لا يوجد حريات وعدالة، وهذه كانت ثورة الشباب التي رفضت النظام العالمي الجديد، وأظن أنه سيتأسس في مطلع هذا القرن".
وتابع :"هذا الجيل كبر وبداخله أمل في الخلاص، منهم من دخل "الإخوان المسلمين" أو "مصر الفتاة"، ومنهم من بحث عن نجاحه الفردي، ومنهم من رأى أن نجاحه الفردي هو الخلاص للأمة، وهذا عاش في معارضة طوال حياته، مثلي أنا.
قال حجاب، "بدأت كتابة الشعر في سن 8 سنوات، وبدأت لعب عيال وكان أبي يلعب معي المطارحة الشعرية، ومنها تعلمت الارتجال، وكبر في رأسي أمر الشعر، وكتبت أول قصيدة عام 1951، أثناء الكفاح المسلح، واستشهد حينها فتى، وخرجنا مظاهرات للمطالبة بالجلاء، ولكني لم أحس بأن شحنة الغضب انتهت، فذهبت لمنزلي وكتبت قصيدة، وعلم أبي، ودرس لي العروب، وعند سن 14 كنت بالنسبة لأصدقائي نزار القباني مثلًا".
وحول انضمامه لأشبال الإخوان، قال الشاعر :"كان لهم شعبة نشطة، وبها إغراءات لطفل مثلي أن يذهب لهم، وكان عنصر جذب شديد، ومثل حزب مصر الفتاة، ولهذا تنقلت بين الاثنين، وكنت مع الإخوان حتى سن 14 سنة، حيث أنه عند جلاء الانجليز من مصر طلبوا مني توزيع منشورات ضد معاهدة الجلاء، وكنت أقرأ أن الجلاء التام حلم، وتعجبت، وقتها شعرت أن هناك شيء ما ليس مقنع في رفضهم للجلاء، فخرجت منهم رافضًا لهذا المنشور، وبعدها انضممت لمنظمة الشباب الأولى، وبها قواعد شبه عسكرية، وتعلمت فيها فك وتركيب السلاح، وهي كانت تشبه التربية العسكرية".
واستكمل :"في هذه الفترة كنت أكتب العامية بجانب الفصحى، وهناك شخصين كتبت فيهم شعر وهم عبد الناصر والشاعر صلاح جاهين، واتهموني بأني شاعر عصر الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وهناك أقاويل تقول إني من كتبت شعر اخترناه الخاص به، رغم أنها لشاعر أخر، وأنا لم أشخصن أبدًا القضية الوطنية".
وأوضح حجاب :"كنت يساري ورفضت أكثر من مرة كتابة أوبريت الاحتفاليات الخاصة بنصر أكتوبر، عدا مرة واحدة، ووزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف لم يتدخل لفرضي على قطاع الإنتاج التلفزيوني، ولكن عملي وإيثاري هو من فرضني على الجميع، وعند عملي في التليفزيون قلت إن هذا تليفزيون الشعب المصري، وليس منبرًا لأحد، وتعرضت للهجوم لمجرد رفضي لبعض السياسات، وقلت كل ما أريده في كل فترة بعمري، ومقتنع بكل ما كتبته، ولم يتم تغيير أي كلمة كتبتها من جانب أحد".
وأكد الشاعر :"أثناء مشكلة التوريث كان هناك مسلسل (الزعفراني)، وتحدثت فيه عن هذا الأمر، وهذا ما حدث أيضًا مع الرئيس الأسبق أنور السادات، وفي وزارة الثقافة التي كان يترأسها فاروق حسني كنت بعيدًا عنها، وحصلت على جائزة بعد ثورة 25 يناير، وتم سحبها بسبب وزير إخواني، لتعود لي بعد رحيل الإخوان، ولم يتم تكريمي حكوميًا إطلاقًا، كما أني سُجنت في عصر عبد الناصر لمطالبتي بالديمقراطية، وفي عصر السادات لم أكن قريبًا من السلطة، وهذا كله ينفي أني قريب من السلطة، فدول العالم الثالث يكون الشاعر الحق هو الساعي خلف الحق والخير والجمال، وبالتالي يظل دور المثقف على يسار أي نظام".
ورأى الشاعر أن مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا هو :"صانع الوهم، وضلل كم كبير من شباب الأمة، وحرفهم عن النظر في المستقبل".
وعلق على الملك فاروق، قائلًا :"الملكية لو كانت استمرت لن يكون حال مصر أفضل، لأنه كان هناك تراجع عن منجزات ثورة 1919 في عهد الملكية، والأسرة العلوية أضافت لمصر أشياء هامة جدًا، بداية من محمد علي وحتى فؤاد، وقبيل 1952 كان الواقع متأزمًا وكان يجب عمل تغيير، وهذا ما جعل فصيل من القوات المسلحة يتحرك، وتحول الانقلاب العسكري إلى ثورة حقيقية بسبب تطبيق العدالة الاجتماعية".
وفيما يتعلق برأيه في عبد الناصر، شدد الشاعر على أنه :"زعيم وطني عظيم، وأحد بناة مصر الحديثة، ويأتي بعد طلعت حرب ومحمد علي، لأنه أضاف إلى الأحلام المصرية حلم العدالة الاجتماعية، ولكنه للأسف ظل يلعب دور الأب الذي يرى كونه يفهم أكثر من الشعب، ومنع الشعب من الاجتهاد في الشأن الوطني، ولم يقم ديمقراطية تحمي مكتسباته، حتى أطاحت الثورة المضادة بما أنجزته، ولا أحد ينكر أنه حقق الاستقلال وحرر السوق المصري، ولكن الثورة المضادة بدأت في عصره من داخل الدولة، وكان تبعد النكسة، وظلت هذه الثورة المضادة تطمح في خطف ثمار التنمية لحسابها".
وأوضح :"نحن الآن نرى الجهاز الوحيد الكفء في الدولة هو القوات المسلحة، ومن الخطأ إحالة كل الأعمال لها، وعلى الحاكم أن يسعى لإعادة تكوين هذه الدولة، وعمل ثورة إدارية".
وأكد :"نصر أكتوبر قرار الشعب المصري، وأنا لا أنسب هذا النصر لأحد إلا للجيش والشعب، والنكسة تحسب على الإدارة السياسية الخاطئة، والسادات وقع في فخ وضعه الأخرون من قبل".
وتابع :"مندهش ممن يهاجمون ثورة 25 يناير ومندهش من ترك المجال لهؤلاء الذين يقولون قولًا باطلًا عن ثوار يناير، والذي يسعون لاستنساخ النظام القديم، والسماح لهم بهذا، وما زلت حتى الآن أطالب بتطبيق 14 تحفظ مما قدمتهم حقوق الإنسان على قانون التظاهر، والتهجم على التظاهر السلمي خطأ".
وعلق على حسني مبارك، قائلًا :"لا أجد ما أقوله عن هذا الرجل إلا ربنا يحسن خواتيمه، وكنت أتمنى أن يحاكم على الجرائم الحقيقة، مثل التعليم الذي خرب، والاقتصاد الذي التهم، ومرضى فيروس سي، ويكون حساب حكم 30 سنة".
وفيما يختص بالرئيس الإخواني محمد مرسي، قال :"مندهش من ذهابه للحج وعودته لمصر مرة أخرى، جملة اعتراضية ساقطة في التاريخ، والتاريخ أحيانا يتخذ مسارات متعثرة، ولكن يقينا بكرة أجمل من النهار ده على رأي الشاعر صلاح جاهين، ولا عودة للوراء".
وأشاد بالرئيس السابق عدلي منصور، قائلًا :"أحترمه كثيرا، وحظى باحترام الشعب، وكان نموذج يحترم بالرغم من اختلافي مع بعض الأشياء، مثل إصدار قانون التظاهر".
وأكد أن الشاعر أحمد فؤاد نجم، :"عشرة عمر وصديق لدود، وجمعتنا المعارضة، رغم أننا مختلفين على المستوى الشخصي، وهو أخطأ في حقي، ولكني سامحته، وكان بيننا قضايا منظورة".