م الآخر| "سبكنة" الرقابة
خلال الأيام الماضية برزت على الساحة الفنية، مشكلتين متعلقتين بفيلمي (الدساس) و(حلاوة روح)، والحقيقة أن هاتين المشكلتين فجرتا مشكلة الرقابة الفنية في مصر، والتي أظن أنها تجاوزت مجرد الحديث عن تقييد الحريات، والعمل الإبداعي إلى ما هو أخطر بكثير، وهو تحكم رأس المال المنتج في مفاصل العمل الرقابي الفني.
جميعنا يعلم علم اليقين أن تنظيم الإخوان، ومن قبله الحزب الوطني، اتخذا من البرلمان سبيلًا للتحكم والسيطرة على تشريعات وقوانين الدولة، كل لخدمة مصالحه فما أجمل أن تكون المرجعية القانونية ملك يمينك.
استمرت هذه اللعبة الخبيثة بعد تولي الإخوان السلطة، وأرادوا الاستيلاء كذلك على المرجعية الدينية للشعب المصري، متمثلة في أزهره الشريف، وكذلك المرجعية القضائية، متمثلة في النيابة العامة، المحرك الرئيسي للدعوى العمومية.
إلا أنه يبدو أن أطيافًا أخرى في المجتمع، كانت تنتهج ذات المنهج لتمرير مصالحها، والحفاظ على مكتسباتها، فقد اكتشفنا بين ليلة وضحاها أن هناك من تسلل، أو بمعنى أدق سُلل إلى منصب رئيس الرقابة الفنية، رغم كونه مخرجًا سابقًا ارتبط اسمه بأعمال أحد المنتجين!.
ويبدو أن هذا المنهج توغل في المجتمع المصري للأسف، ولن نكتشف مداه إلا مصادفة وهذا لسبب بسيط جدًا، وهو أن الأجهزة الرقابية بالدولة، وأجهزة حماية المستهلك، والجمعيات الأهلية، والمنظمات الحقوقية، لاتهتم إلا بعد أن تطفوا أي مشكلة على السطح، ولاتهتم بالوقاية من تضارب المصالح وتزاوجها، ولن تكون "سبكنة" الرقابة الحلقة الأخيرة لهذا المنهج، الذي استشرى بيننا.