قضاة: جلسات الصلح العرفية لحل الصراعات لا سند لها فى القانون
قال قضاة إن جلسات الصلح العرفية التى ينظمها محكّمون من كبار العائلات وشيوخ القبائل لحل الصراعات فى الصعيد والمناطق البدوية لا سند لها فى القانون، مطالبين بتفعيل القوانين لوضع حد لهذه الصراعات الدموية.
اعتبر المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، أن جلسات الصلح التى تلجأ إليها العائلات والقبائل فى الصعيد وبعض المناطق الصحراوية عن طريق شيوخ القبائل أو المحكمين العرفيين لا أساس لها من القانون ولا يعتد بها من منظور القضاء حتى لو تنازل الطرفان عن حقهما أمام القاضى بسند كتابى، لأن القانون المصرى لا يعترف مثلاً بمفهوم دفع (الدية) فى جرائم القتل لأهل القتيل ويشترط تنفيذ العقوبة على المتهمين، وأن يأخذ القانون مجراه على الجميع.
وأضاف «السيد»، لـ«الوطن»، أن للدولة الحق أن تتسامح فى اللجوء إلى محكمين عرفيين إذا كانت القضية مدنية أو تجارية. أما إذا كنت القضية جنائية وراح ضحيتها العشرات من القتلى كما حدث فى أسوان مؤخراً حيث سقط 29 قتيلاً وعشرات المصابين من الطرفين، ففى هذه الحالة لا يملك القضاء أن يتسامح فى ذلك مطلقاً، مشدداً على أن تراخى الدولة أو تأخرها عن التحرك حال وقوع مثل هذه الحوادث سيؤدى حتماً إلى مزيد من الدماء. وأوضح رئيس «جنايات القاهرة» الأسبق أن زيارة رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية للقبيلتين المتنازعتين ليس الهدف منه الموافقة على الجلسات العرفية وإنما هو حقن الدماء مؤقتاً على أن تقوم وزارة الداخلية بتحديد المتهمين وإلقاء القبض عليهم وإيداعهم فى السجون، تمهيداً لمحاكمتهم أمام القضاء. من جانبه قال المستشار حسنى الضبع، الرئيس بمحكمة جنايات الجيزة، إن جلسات الصلح العرفية لا يُعتدّ بها قانوناً، ولجوء بعض العائلات أو القبائل لها كبديل عن القانون لا يعتبر شيئاً إيجابياً ولا يمنع القضاء من نظر أى دعوى جنائية والفصل فيها بالعدل ووفق أحكام القانون، خاصة أن هناك مسئولية كبيرة على الدولة لإنهاء النزاع وتقديم كل المتهمين للعدالة أياً كان عددهم، فقانون العقوبات جعل الإعدام عقوبة لكل من ارتكب جريمة القتل العمد وبالتالى لا بد من إعدام كل من تورط فى هذه الجرائم البشعة وإلا ضاعت هيبة الدولة. ولفت «الضبع» إلى أن القضاء لا يعرف المواءمات السياسية أو الاجتماعية ولا ينظر إلى أشخاص بل إلى الوقائع المجردة، ولذا فإن زيارة رئيس الوزراء لأسوان فى تقديرى جاءت بهدف منع نزيف دماء جديدة وليس للحيلولة دون محاكمة المتورطين فى تلك الجرائم البشعة.
من جهته، قال المستشار وليد الشافعى، الرئيس بمحكمة استئناف طنطا، إن الجلسات العرفية التى تأتى بهدف الصلح غير قانونية، وهى بمثابة مسكنات، لذا أطالب الدولة بالقيام بدروها وإحكام سيطرتها على منافذ تهريب الأسلحة والقبض على كل من شارك فى جريمة أسوان وإحالته للمحاكمة للفصل فى القضية حسب نصوص قانون العقوبات.
وأضاف «الشافعى» أن على الشرطة دوراً كبيراً فى وقائع أسوان الدامية لا بد أن تلتزم به، وهو القبض على المتهمين وعدم الاعتداد بجلسات الصلح العرفية لأن ذلك قد يؤدى إلى وقوع مزيد من الجرائم لاحقاً، فضلاً عن أن ذلك يعتبر نوعاً من التقاعس عن أداء الواجبات الأمنية، وتركها لغير ذوى الشأن أو الاختصاص.