بصورة وتيشيرت.. مات صديقهم قبل العيد وحضر معهم: "محمود عايش جوانا"
أصدقاء محمود
أيام جميلة تسبق كل عيد، ينتظرها أطفال قرية كفر الشيخ مخلوف بالبحيرة، يقضوها بين شراء الملابس الجديدة والزينة، ولكن لم تكتمل فرحتهم هذه السنة، حيث تبدل ترقب يوم عيد الأضحى، بحزن حيث حمل لهم آخر أيام يوليو فاجعة غرق صديقهم "محمود" في البحر، وانقطاع الأمل في وجوده معهم، مجددا، في "الدراسة أو الإجازة"، خبر تركهم مع تساؤلات كثيرة، عنوانها "كيف يكون العيد دون محمود".
بكاؤهم معا وتوديعهم صديقهم الراحل، بعد تلقي واجب العزاء، جعل أبناء الخمسة عشر عاما يقرروا أن يكون "محمود" حاضرا معهم في مظاهر فرحة العيد، معللين "مفيش لبس جديد ومحمود مش موجود"، فيأتي أحدهم بفكرة طباعة صورة "محمود" على "تيشيرت" وارتدائه في صلاة العيد، ليتحمس لها أصدقاء الطفل الراحل وأقاربه، ويتسابقون في إتمام المهمة سريعا لتنتهي طباعته قبل يوم العيد، فرغم غيابه عن صلاة العيد، للمرة الأولى بين صفوف المصلين، كانت هناك ثلاثين صورة لـ"محمود"، وفقا لصديقه، يوسف جمال.
يروي "يوسف" أن العيد كان مختلفا، بكل تفاصيله، فبعد الصلاة، لم تشغلهم "الفسحة"، كعادتهم، بل توجهوا لبيت صديقهم الراحل، ليقضوا وقتا مع والديه وأخته، يشعرهم بـ"إن محمود لسة عايش وموجود"، فقضوا ساعات يتحدثون إلى والدته، ويحاولون رسم ابتسامة على وجهها، حتى عاهدوها أن يلتقوا بها في ثاني أيام العيد لزيارة قبر الراحل والدعاء له في هذه الأيام المباركة.
"والدته لما شافتنا قالت عايزة تيشرت زينا"، قالها محمد حمد الله، ابن خالة "محمود"، والذي يروي أن والدة الراحل لا تزال غير مدركة لرحيله، فكانت زيارتهم مساعدة لها أن تواجه رحيل ابنها، وتبتسم لوفاء أصدقائه، وتريد أن ترتدي صورة ابنها دائما.
ابتسم أهل القرية للمبادرة الطيبة، و"وفاء الصغار لصديقهم"، فالتقطوا لهم الصور لنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وفقا لـ"محمد"، الذي يرى أن فرحة المحيطين بمبادرتهم لم تكن كافية لإسعادهم، أو إبعاد الحزن عن قلوبهم المنكسرة، فيما يصفه بـ"كنا مبسوطين إننا فاكرينه لكن موجوعين إنه مش موجود معانا"، ويواصل بأن حزنه شديد على صديقه وابن خالته الذي شاركه الحياة "برة وجوة البيت".
على الجانب الآخر، كانت عائلة "محمود"، متأثرة بالفقد وممتنة لأصدقائه، فيقول محمد ماهر، عم الطفل المتوفي، إن اهتمام أطفال في هذه السن أن يكون صديقهم حاضرا بينهم، يعد لمسة وفاء أثلجت صدور العائلة المتألمة، فشعروا برصيد الحب الذي خلفه ابنهم لابنهم وأشعرهم هذا الحب بأن "محمود"، لم يغب عن العيد وأنه حاضر دائما.
"صورة محمود كانت على التيشرت من الأمام"، وفقا لـ"ماهر"، يصف ذلك برسالة إلى أن الراحل حاضر دائما في قلوبهم حتى بعدما وارى الثرى جسده الصغير.