يمسك بريشة، وفى اليد الأخرى إناء يحوى مجموعة من الأحبار الملونة، يختار من بينها اللون المناسب ويغمس به الريشة، ليبدأ فى الكتابة، ويظل منهمكاً، دون الشعور بجهد أو ملل، حتى إن استغرق كتابة اللوحة الواحدة أكثر من 7 أيام. مهمة شاقة يؤديها أحمد المصرى، لأكثر من 45 عاماً، مستغلاً موهبته فى الخط، داخل محل ضيق المساحة كائن بمنطقة محطة الرمل وسط الإسكندرية.
يحكى «المصرى»، صاحب الـ66 عاماً، والذى يرجع نسبه إلى عائلة إبراهيم المصرى، مؤسس مدرسة الخط العربى عام 1936 بمنطقة المنشية، أنه تخرج فى المدرسة ذاتها، ودرس فنون الخط العربى لـ6 سنوات، وهى ثانى مدرسة فى مصر تأسست من أموال العائلة الخاصة دون تبرّعات، وتم تأسيسها بعد إنشاء الملك فؤاد الأول مدرسة الخط العربى فى القاهرة، وضمّها الأديب طه حسين إلى وزارة المعارف حينها، وتخرّج فيها أجيال، لكنها أغلقت بسبب الإهمال وأعمال الصيانة التى لا تنتهى.
يتعجب «المصرى» من إقبال البعض على اللوحات الفنية والمرسومة بخط بابلو بيكاسو ومايكل أنجلو، ودفع الملايين، فى حين أن اللوحات الفنية المكتوبة بخط اليد تباع بقليل من الجنيهات، فيبيع هو اللوحة بسعر يبدأ من 100 جنيه، ورغم ذلك يصعب أن يعثر على زبون يفضل الكتابة عن الطباعة، ذات التكلفة الأكبر، حيث يبدأ سعر اليافطة المطبوعة نحو 120 جنيهاً. يقضى الخطاط السكندرى نحو 6 ساعات يومياً فى محله المكتظ بكتاباته الخطية، ويقول: «فن الخط اختفى زى موضة الطرابيش، والمهنة دلوقت مابتأكلش عيش بعد ظهور الطباعة». «اللوحات المعروضة ليست للبيع»، لافتة كتبها «المصرى»، وعلقها بالمحل، بسبب تدنى السعر الذى يطالب الزبون بدفعه فى اللوحة، وعدم تقدير فن الخط.
تعليقات الفيسبوك