"نيويورك تايمز": إجراءات ترامب المشددة بشأن الهجرة أتت بنتائج عكسية
صورة أرشيفية
على الرغم من الإجراءات المشددة التي أقرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لمحاصرة ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة، فإن التقارير الرسمية تؤكد أن تلك الإجراءات جاءت بنتائج عكسية، حيث تضاعفت أعداد المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة. وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن إجراءات ترامب بشأن الهجرة سببت زيادة في أعداد المهاجرين واللاجئين إلى الولايات المتحدة وأتت بنتائج عكسية، بدلاً من الحد من أعداد المهاجرين عبر الحدود الأمريكية مع المكسيك.
وقالت الصحيفة: " ترامب حاول وقف وصول المهاجرين غير الشرعيين من المكسيك إلى الولايات المتحدة من خلال تعزيز الأمن على الحدود، والحد من نسبة الذين لهم حق الحصول على اللجوء، وفصل الأطفال المهاجرين عن والديهم، وعلى الرغم من ذلك، تشير الأرقام الصادرة أمس إلى أن تلك الإجراءات فشلت في ردع عشرات الآلاف من المهاجرين من السفر إلى الولايات المتحدة". وأضافت: "السلطات الأمريكية احتجزت ما يقرب من ضعف عدد المهاجرين في الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية التي بدأت في أكتوبر الماضي، بالنسبة لنفس الفترة من العام الماضي"، وذكرت أنه لفهم ما يحدث، فمن المهم أن ننظر إلى هوية هؤلاء المهاجرين القادمين، وما الذي يقودهم إلى هذا، وكيف تغيرت الأجوبة على تلك الأسئلة على مر السنين.
وقالت : "المهاجرين في الماضي غير الحاملين للوثائق القانونية كانت أغلبيتهم الساحقة من الرجال المنحدرين من المكسيك الذين تسللوا إلى البلاد دون أن يتم اكتشافهم، وكانوا يتسللون عبر الحدود للعثور على عمل وإرسال الأموال إلى أسرهم في وطنهم، ولكن الهجرة من المكسيك تراجعت في السنوات الأخيرة، ففي الفترة التالية كانت نسبة مغادرة المكسيكيين من الولايات المتحدة أكثر من القادمين إليها، حيث أصبح المكسيكيون أقل اضطرارًا للقدوم إلى الولايات المتحدة، لأن هناك المزيد من فرص العمل في بلدهم ولديهم أسر وعائلات لدعمهم".
وتابعت "نيويورك تايمز": "لكن في الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية التي بدأت في أكتوبر الماضي، احتجزت دوريات الحدود ما يقرب من 136150 شخصًا كانوا يسافرون بعائلاتهم ولديهم أطفال، مقارنةً بـ 107122 شخصًا خلال العام المالي 2018"، وأشارت إلى أن هناك عدة عوامل دفعت المكسيكيين إلى الهجرة من بينها الفقر، كما أن العديد من سكان أمريكا الوسطى يعيشون في خوف، حيث إن السلفادور وهندوراس وجواتيمالا من بين أعلى معدلات جرائم القتل في العالم. ويقول المهاجرون الوافدون أنهم واجهوا الابتزاز، ويريدون منع أطفالهم من الانضمام إلى عصابات الشوارع.
وذكرت الصحيفة الأمريكية، في تقريرها، أن أكثر من 90% من المهاجرين مؤخراً من جواتيمالا، وفقا للبيانات الصادرة حديثا، وتنحدر الأغلبية من المهاجرين من المناطق الفقيرة، بما في ذلك المرتفعات الغربية، حيث تقوض النزاعات حول حقوق الأراضي والتغيرات البيئية والأسعار المنخفضة لمحاصيل مثل الذرة والقهوة قدرة المزارعين على العيش في ظروف جيدة. وقالت الصحيفة إن "السفر مع الأطفال يساعد المهاجرين على تجنب الاحتجاز، وعلى الرغم من أن المهاجرين عموما يفتقرون إلى فهم قانون الهجرة في الولايات المتحدة، لكن يبدو أنهم على علم بالأساسيات القانونية لشروط الهجرة".
وأوضحت : "بموجب القانون الأمريكي، لا تستطيع الحكومة الأمريكية إبقاء العائلات المهاجرة في مرافق الحجز على الحدود لأكثر من 72 ساعة، حيث يجب نقلهم إلى مركز احتجاز المهاجرين المناسب للأطفال أو إطلاق سراحهم"، وبحسب الصحيفة فإن الحكومة الأمريكية قد تركت الآلاف من المهاجرين المحتجزين، حيث إن السلطات على الحدود تطلق سراحهم كل أسبوع لأنها تفتقر إلى عدد كافٍ من الأماكن لحبسهم في مرافق الاحتجاز العائلية. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه في ربيع عام 2018، حاولت إدارة "ترامب" تثبيط المهاجرين عن السفر مع أطفالهم بملاحقة كل من عبر الحدود بشكل غير قانوني، حتى أولئك الذين كانوا مسافرين مع الأطفال، وهي سياسة تُعرف بعدم التسامح، وأدى هذا إلى عزل الأطفال عن آبائهم ووضعهم في الملاجئ في جميع أنحاء البلاد، وقد أثارت هذه السياسة إدانة واسعة النطاق، مما دفع ترامب إلى وقفها في أواخر يونيو الماضي، وسواء أكان المهاجرين يتسللون إلى الولايات المتحدة في المناطق النائية أو يدخلون البلاد عبر منافذ الدخول، فإن معظم المهاجرين يحاولون تقديم طلب للحصول على اللجوء.
وقالت "نيويورك تايمز": "إدارة ترامب دائماً ما تقول أن المهاجرين يغمرون نظام اللجوء على الحدود بطلبات غير صالحة، وفي السنوات الأخيرة، منح القضاء الأمريكي نظام الهجرة أقل من 20% من طلبات اللجوء، وهي نسبة أقل بالنسبة لأمريكا الوسطى، ويزعم العديد من طالبي اللجوء من أمريكا الوسطى أنهم كانوا ضحايا للعصابات، وهو أمر يصعب إثباته، أكثر من أنواع الاضطهاد السياسي وغيرها، بينما أن الفقر ليس من بين أسباب الحصول على اللجوء، وإذا ما تم رفض هؤلاء المهاجرين، فيمكن ترحيل طالبي اللجوء، ولكن بما أن العديد يتم الإفراج عنهم أثناء النظر في قضيتهم، فإن بعضهم لا يعود أبداً إلى المحكمة ويتجنب الترحيل".وعلى الرغم من إجراءات تقييد الهجرة عبر الحدود التي اتخذتها الإدارة الأميركية، لا سيما على الحدود مع المكسيك، فقد سجل عدد المهاجرين شهريا، من خلال الحدود الجنوبية الغربية للبلاد، رقما قياسيا جديدا، حيث ذكرت الصحيفة الأمريكية أن أعداد العائلات المهاجرة التي تعبر الحدود الجنوبية الغربية على أساس شهري تضاعف مقارنة مع العام الماضي، مما يشير إلى أن سياسات إدارة ترامب لم تحد من الهجرة إلى الولايات المتحدة.
وبحسب الصحيفة، في تقرير آخر لها بشأن الهجرة، فقد عبر أكثر من 76 ألف مهاجر الحدود من دون تصريح في فبراير الماضي، وهو أعلى مستوى خلال 11 عاما، ومؤشر على النتيجة العكسية للإجراءات الأميركية الحالية بخصوص المهاجرين. وصرح مفوض الجمارك وحماية الحدود كيفن مكالينان، خلال إعلانه عن البيانات الجديدة بخصوص المهاجرين، بأن "النظام تجاوز القدرة على استيعاب كل هذه الأعداد، لقد وصلنا إلى نقطة الانهيار". وعلى الرغم من امتلاء مراكز الإيواء على الحدود مع المكسيك عن آخرها بعائلات المهاجرين، فإن آخرين لا يزالون يتدفقون على الحدود، في بعض الأحيان بالحافلات، بمعدل 2200 شخص في اليوم.
واستغل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأعداد المتزايدة من المهاجرين لتبرير خطته لبناء جدار طوله أكثر من 3 آلاف كيلومتر على الحدود الأميركية مع المكسيك، لكن معظم المحللين يشككون في جدواه بمنع الهجرة، وتحتجز السلطات الأميركية حاليا أكثر من 50 ألف شخص من البالغين في مراكز تابعة للهجرة والجمارك، وهو أعلى رقم للمحتجزين على الحدود تسجله البلاد حتى الآن على الإطلاق، وعلى الرغم من الزيادة الكبيرة في عدد المهاجرين مؤخرا، فإنها لم تقترب من المستويات التاريخية التي وصلت إلى مليون و64 ألف مهاجر في عام 2000، في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون.