«مُلا الكبير»: مشاركتى فى إنشاءات السد «شرف وتاج على راسى»
محمد عبدالله محمد، الشهير بـ«مُلا الكبير»
بملامح الشخصية الأسوانية الجنوبية ذات الطابع الصعيدى والبشرة السمراء، الذى تكسو وجهه الابتسامة والعزيمة، وكأن لسان حاله «إحنا اللى بنينا السد العالى»، إنه محمد عبدالله محمد، الشهير بـ«مُلا الكبير»، الرجل السبعينى من أبناء محافظة أسوان وهو من مواليد عام 1945.
وقال «محمد» لـ«الوطن»، أنا «سعيد بمشاركتى فى بناء السد العالى وشرفت بذلك وعملى به شرف وتاج على رأسى وبدأت العمل فى بنائه جنوب مدينة أسوان فى عام 1965، فى وظيفة فنى عقب حصولى على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية فى نفس العام الذى تخرجت فيه، وبعد تخرجى بـ24 ساعة فقط تسلمت مهام وظيفتى، وهى عبارة عن فنى تركيبات كهربائية، والحقيقة أن المرتبات كانت مميزة، حيث كنت أحصل على 15 جنيهاً شهرياً، وهو مرتب مميز فى ذلك الوقت، وتم تسليمنا لمساكن ورفعوا لنا المرتبات ووصلت لـ20 جنيهاً، وهو ما دعانى للزواج مبكراً وفتح بيت وأسرة جديدة وكانت سنى لا تتجاوز الـ23 سنة، كنا نفخر بأننا نعمل فيه».
«محمد»: تعلمنا من الروس الإتقان.. وتعلموا منا العزيمة والمثابرة
وتوقف العم «مٌلا» قليلاً عن الحديث وتذكر أيام عمله فى بناء السد العالى وقال: «ياااه.. دى كانت أيام لا تنسى من الذاكرة بحلوها ومرها وقسوة الأيام ومشقة العمل لكنها ستظل تاريخاً سطرناه بأيدينا وبمشاركة أصدقائنا الروس (السوفييت)، كل الناس بلا استثناء كانوا لا يخشون الموت، بل كنا نراه أمام أعيننا، ولا ندير له بالاً، لأننا كنا أمام مهمة وطنية بإنشائه والصرح الكبير، وأتذكر أنه كان معنا أحد الخبراء الروس الذى كُلف بعمل فى إحدى الورش، وقُطع أحد أصابعه فى الآلات ولم يُبلغ أى مسئول فى العمل، وواصل عمله ليل نهار وهو مصاب واضطر للف الجرح بشاش، وأخذ مجموعة من المسكنات واستكمل عمله، وسألناه لماذا فعلت هذا ولم تخبر أحداً بذلك، فكان رده (حتى لا يقولوا إنى فاشل فى عملى)»، تابع «مُلا»: «نصف السد العالى بالجامعة لأنه انبثق منه كليات الأخلاق والعزيمة والعزة والكرامة، فكيف لا وعزيمة المصريين على إتمام هذا المشروع العظيم والعلاقات التى كانت بين العاملين من القيادات لإتمام هذا المشروع كانت كبيرة، خاصة ما أحاط بمشروع بنائه من ظروف تمويله والظروف السياسية فى حينه، وتكلفة المشروع لم تتجاوز 400 مليون جنيه، وبالقياس بالتكلفة الحالية للمشروعات التى تتجاوز المليارات، وكان يديره 35 ألف فنى ومهندس وعامل بجانب الخبراء والعمال الروس الذين كانوا يعملون بجد ونشاط وبإخلاص وعلمونا الإتقان والفن وعلمناهم العزيمة والمثابرة.