ناشئات الساحرة المستديرة يقاومن التجاهل.. وهدفهن «القارة العجوز»
«راما» تروى لـ«الوطن» أحلامها مع الساحرة المستديرة
عشقن الساحرة المستديرة منذ نعومة أظافرهن، وفضلنها عن باقى الألعاب رغم اعتراض الأهل والمجتمع، وانضممن لنوادٍ وأنفقن أموالاً فى الأكاديميات لتحسين المستوى، كتمرد على العادات والتقاليد التى تحرمهن من ممارسة رياضتهن المفضلة، وحلمن بالاحتراف بالخارج، حيث الاهتمام الكبير بالكرة النسائية، هذا هو حال ناشئات الساحرة المستديرة اللاتى يشكين من تجاهلهن وعزوف الإعلام عنهن مقارنة بفرق الرجال، هن جيل جديد فى مجال كرة القدم النسائية فى طريقه للخروج إلى النور يحمل فكراً وأحلاماً مختلفة ويزداد عدده كل عام فى الأندية المختلفة لكن لا يسمع عنه أحد، ويبدو كمن ينافس فى صمت ويحاول الوصول لتحقيق أهدافه والتفوق على الجنس الآخر لإثبات أنه قادر على المنافسة.
ليلى نبيل بنت الـ16 عاماً، شجعها والدها على ممارسة كرة القدم منذ صغرها وكان يلعب معها ويحفزها إلى أن انضمت لنادى المعادى قبل 4 سنوات، وتحكى أنها كانت تشاهد مباريات الزمالك وتتابعها باستمرار حتى قررت احتراف اللعبة، ومارست ألعاباً أخرى مثل كرة السلة والسلاح، لكنها لم تجد المتعة التى تبحث عنها، وتقول: «لما لعبتها حسيت إنى مبسوطة وفيها حماس ولعبة جماعية وأصحابى معايا»، سجلت «ليلى» فى الأكاديمية التابعة للنادى لتطوير مستواها وتم اختيارها للعب مع فريق الناشئين، وبدأت مشوارها بتحدٍ لإثبات ذاتها والوصول لهدفها الأكبر وهو الاحتراف فى الخارج واللعب فى منتخب روسيا، وتضيف: «معنديش مشكلة أتجنس عشان مالناش مستقبل هنا فى مصر حتى مع المنتخب»، وتشتكى من غياب الجمهور واللعب بدون تشجيع وقلة الاهتمام، وتؤكد: «ماتشاتنا كلها يوم السبت الضهر بنقول لأصحابنا وقرايبنا ييجوا يشجعونا»، تبذل قصارى جهدها حتى لا تترك لعبتها المفضلة، تحافظ على موعد التمرين على حساب دراستها لدرجة أنها تتغيب أسبوعياً لحضور مباراة الفريق: «عايزين الناس تعرف إن إحنا بنسيب كل حاجة عشان نيجى نلعب ماتش»، وتلعب بدون مقابل رغم تسجيلها رسمياً مع الفريق وتوقيع عقد: «لما بنحقق إنجاز فى الدورى بناخد مكافأة 200 جنيه وشهادة تقدير»، وتواجه العديد من الصعوبات، خاصة أنها تدرس فى الصف الثانى الثانوى فضلاً عن شعورها بالظلم لتجاهل لعبتها: «مننا 5 لاعبات راحوا المنتخب، بنطلع ناس كويسة بس مش واخدين حقنا ولا الاهتمام الكفاية».
«مريم»: بلعب «عِند» فى المجتمع.. و«ليلى»: مكافأة الإنجاز 200 جنيه.. و«راما»: بادفع فلوس لتطوير نفسى وأتمنى اللعب لتشيلسى
تفضل الاحتراف فى الخارج لاهتمام الأندية بالفرق النسائية ومنح اللاعبات مقابلاً مادياً نظير جهدهن وتخصيص بطولات لهن مثل كأس العالم للسيدات واتحادات تحمل أسماءهن: «هدرس بره وأكمل حلم الكورة»، تعرضت للإصابة أكثر من مرة وركبت مسامير فى قدمها لكنها تصر على الاستمرار: «ماما عايزانى أبطل وأنا بضحى عشان اللعبة». حكاية مشابهة ترويها مريم أمير، صاحبة الـ13 عاماً، مع لعبتها المفضلة التى خطفت قلبها قبل 3 سنوات، وبدأت تمارسها فى الشارع والمدرسة إلى أن انضمت للنادى، جربت ألعاباً أخرى لكنها وجدت أن كرة القدم اللعبة الوحيدة التى استطاعت التعبير عنها وتحويلها من شخص لديه مشاكل فى إنجاز مهامه لآخر منظم ومرتب: «بتريحنى نفسياً وخلتنى بعد ما كنت بتأخر فى كل حاجة أظبط مواعيدى وطريقة تفكيرى»، لم تجد التشجيع المتوقع من الأسرة لكن إصرارها كان دافعها الأكبر للاستمرار خاصة نظرة المجتمع للفتيات اللاتى يلعبن كرة قدم: «تمردت على المجتمع اللى بيقول البنت مينفعش تلعب كورة»، صنعت لها الساحرة المستديرة هدفاً تعيش وتقاتل من أجله حتى تغيرت حياتها للأفضل: «بقيت عايزة أوصل»، تتمرن فى منزلها وتشاهد مباريات كثيرة عبر «اليوتيوب» لتحسين مستواها، تلعب فى مركز الدفاع متفوقة على كل قريناتها: «الناس مش متقبلانا وشايفة لعبنا حاجة مملة، محتاجين نتشاف زى الولاد».
بدأت راما إيهاب، صاحبة الـ14 عاماً، اللعبة مبكراً فى عمر 5 سنوات مع أصدقائها، تعرفت عليها من ذهابها الدائم للاستاد برفقة والدها لمتابعة مباريات قطبى الكرة المصرية الأهلى والزمالك، ورغم ذلك لم يرحب والداها باحترافها اللعبة ورفضا فى البداية طلبها، لكنها ظلت تحاول ثلاث سنوات إلى أن نالت الموافقة وانضمت لنادٍ: «ليها روح معينة مش زى باقى الألعاب مميزة»، تقضى معظم وقتها فى ممارسة لعبتها المفضلة ثلاثة أيام فى التمرين ومثلها فى الأكاديمية لاكتساب خبرات وتحسين مستواها: «بندفع فلوس عشان نتعلم ونطور نفسنا وفى النهاية بنفضل نلعب بدون مقابل»، تحلم باللعب فى صفوف نادى تشيلسى الإنجليزى والمنتخب الوطنى.
«كنت بتضايق لما آجى ألعب مع ولد ويقولى لأ انت بنت».. تقولها سما أحمد، التى تعشق الساحرة المستديرة منذ صغرها، تركت السباحة وكرة السلة من أجلها، تحدت العادات والتقاليد التى لا ترحب بممارسة الفتيات تلك اللعبة: «بقالى 6 سنين مكملة رغم إصابتى أكتر من مرة»، تحكى صاحبة الـ16 عاماً أن الكرة النسائية فى مصر مليئة بالمواهب لكن غياب دور الإعلام حرمهن من تلقى عروض احتراف: «ماتشاتنا مابتتذاعش على التليفزيون رغم إنها فنياً ممكن تكون أحسن من الولاد».