خلافات «التجارب السريرية» تهدد برجوعه إلى نقطة «الصفر»
«صحة النواب» خلال أحد اجتماعاتها
يواجه مشروع قانون البحوث الطبية الإكلينيكية المعروف بـ«التجارب السريرية»، المُقدم من حكومة المهندس شريف إسماعيل، ووافقت عليه لجنة الشئون الصحية بالبرلمان، عاصفة من الانتقادات قد تعيده إلى نقطة الصفر، خصوصاً أن الخلافات حوله تصاعدت بين لجنتى التعليم والصحة فى البرلمان، حول الأحقية فى مناقشته وفقاً للاختصاص، وقدمت لجنة التعليم مذكرة رسمية إلى الأخيرة، بعد الاعتراض على عدد كبير من مواده التى وصفتها بأنها ستنهى البحث العلمى فى مصر، إلا أن «الصحة» أكدت الانتهاء منه والموافقة عليه وإرسال تقريرها النهائى حوله إلى الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، لإدراجه فى الجلسة العامة، وسط غضب «تعليم النواب».
«الأطباء» بدورها أكدت تمسكها بـ12 ملاحظة على مشروع القانون، رغم حديث وزير الصحة عن اجتماعه مع نقيبها، وقالت إنها ترفض تمرير القانون دونها، لأنه يمس بصورة مباشرة سلامة المواطن والأمن القومى وحتى لا يتحول المريض إلى حقل للتجارب.
«تعليم النواب والأطباء» وأساتذة جامعات يحذرون من خطورة صيغته الحالية على البحث العلمى.. و«لجنة الصحة» توافق عليه
أشعل قانون البحوث الطبية الإكلينيكية، المعروف بـ«التجارب السريرية»، خلافات حادة بين لجنتَى «الصحة» و«التعليم» بالبرلمان، وذلك بعد اعتراض الأخيرة على إحالة مشروع القانون للجنة الشئون الصحية من الأساس، وتجاهلها أثناء وضع التقرير النهائى له، ما دفعها للتقدم بمذكرة رسمية بشأن المواد المعترضة عليها، أملاً فى إقرارها قبل إصدار القانون بشكل نهائى، فيما تمسكت نقابة الأطباء بتعديل 12 ملحوظة بالقانون، على اعتبار أنها «تمس» بصورة مباشرة سلامة المواطن المصرى والأمن القومى.
«برعى»: القانون يخصنا ولجنة الصحة تجاهلتنا.. و«العمارى»: أرسلنا تقريرنا إلى رئيس البرلمان وعلى المعترضين تقديم تعديلاتهم.. و«الأطباء»: متمسكون بملاحظاتنا على المشروع.. و«الصيادلة»: وزير الصحة وعد بتدارك ملاحظاتنا فى اللائحة التنفيذية
وقال النائب عبدالرحمن برعى، عضو لجنة التعليم والبحث العلمى، ووكيلها السابق، إن لجنة الشئون الصحية بالبرلمان استعجلت فى مناقشة مشروع قانون «التجارب السريرية»، بدون مبرر، ولم تنتظر حضور هيئة مكتب لجنة التعليم الاجتماعات، على الرغم من أن الدكتور على عبدالعال أحال «القانون» للجنة الصحة بالاشتراك مع هيئة مكتب لجنة التعليم والبحث العلمى بالبرلمان. وأضاف «برعى» لـ«الوطن»، أن لجنة الصحة تجاهلت أيضاً إرسال التقرير الخاص بمشروع القانون قبل وضع صياغته النهائية، وتم إرساله لهيئة مكتب البرلمان دون «الرجوع إلينا». وأشار إلى أن مشروع القانون كان يجب فى الأساس إرساله للجنة التعليم والبحث العلمى كلجنة أساسية وليس «الصحة»، والتى كان يمكن أن تشارك فيه كهيئة مكتب فقط وليس العكس، لافتاً إلى أن نواب لجنة التعليم سيكون لهم رأى آخر أثناء نظر مشروع القانون بالجلسة العامة للبرلمان.
وفى المقابل، قال النائب محمد العمارى، رئيس لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، إن اللجنة وافقت نهائياً على مشروع قانون البحوث الطبية الإكلينيكية المعروف بـ«التجارب السريرية» بشكل نهائى، وتم إرسال التقرير الخاص به للدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، لإحالته للجلسة العامة لمناقشته وإقراره. وأضاف أن اللجنة استمعت لجميع الآراء الخاصة بمشروع القانون، وتم التصويت عليها فى النهاية، وبالتالى لا مجال الآن لإعادة مناقشتها من جديد، وبالتالى اعتراضات نواب لجنة التعليم يمكن أن يتقدموا بها كتعديل خلال الجلسة العامة للبرلمان عند عرض القانون عليها، والقرار الآن فى يد رئيس المجلس.
وتقدمت لجنة التعليم والبحث العلمى بالبرلمان بمذكرة للجنة الصحة، بشأن التعديلات المطلوب تنفيذها بمشروع القانون قبل إصداره، حيث طالبت اللجنة بأن يكون إصدار اللائحة التنفيذية لمشروع القانون من اختصاص رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزارتى التعليم العالى والصحة وذلك خلال 3 شهور، بدلاً من أن يكون حق إصداره لوزير الصحة طبقاً للصياغة التى وافقت عليها لجنة الصحة بالبرلمان.
وأوضحت «تعليم النواب»، خلال المذكرة، أن هذا التعديل ضرورى، لأن أغلب البحوث الطبية الإكلينيكية تجرى فى كليات الطب أو المراكز البحثية التابعة لوزارة التعليم العالى والبحث العلمى. كما طالبت اللجنة بإلغاء المادة الخامسة التى تلزم المجلس الأعلى لأخلاقيات البحوث الطبية، بإرسال الأبحاث الطبية الإكلينيكية إلى جهاز المخابرات العامة، قبل الموافقة النهائية عليها واعتمادها، لاستطلاع رأيها بغرض الحفاظ على الأمن القومى، ووفقاً للإجراءات والضوابط التى تبيّنها اللائحة، وبررت اللجنة ذلك بأن هذا سيعيق سير البحوث الطبية.
النزاع بين «الصحة والتعليم» حول الاختصاص يُشعل البرلمان
كما أكدت لجنة التعليم ضرورة عدم تحديد عدد معين من المرضى يلتزم البحث الطبى الإكلينيكى به أثناء إجراء البحوث الطبية، حيث عرف مشروع القانون، المرحلة الثانية بأنها «التى يجرى فيها البحث الطبى الإكلينيكى على مجموعة من المرضى يتراوح عددهم ما بين المئات والآلاف، وتهدف هذه المرحلة إلى معرفة مدى فاعلية التدخل الطبى مقارنة بأفضل العلاجات المتاحة». وأرجعت اللجنة طلبها بعدم وضع عدد محدد للمرضى بأنه لا يمكن تحديد أعداد محددة لكل مرحلة بحثية، حيث إن ذلك يخضع إلى اختبارات إحصائية يعرفها الباحثون، وإن أعداد المبحوثين تختلف كثيراً طبقاً لطبيعة المرض الذين يتم البحث فيهم.
وفى السياق نفسه، قال الدكتور محيى عبيد، نقيب الصيادلة، إنه ناقش ملاحظات النقابة على قانون التجارب السريرية، منها ضرورة إضافة القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر إلى مواد الإصدار، إضافة إلى أن القانون أغفل تمثيل النقابات الطبية المختصة، وكذا وجود ممثلين عن المبحوثين فى المجلس الأعلى لأخلاقيات البحوث الطبية، وأغفل كذلك آليات تشكيل اللجان المؤسسية لأخلاقيات البحوث الطبية والهيئات القومية للرقابة، كما أغفل دور الدولة فى رعاية الباحثين وأبحاثهم وحماية ابتكاراتهم والعمل على تطبيقها، وكذلك حقوق الملكية الفكرية. وأضاف «عبيد»، لـ«الوطن»، أنه تقدم بمقترحات النقابة التى تضمنت ضرورة توضيح صفة الممثل القانونى للفئات المستحقة لحماية إضافية ودرجة قرابتهم لهم، وأنه فى حال عدم وجود ممثل قانونى من الدرجتين الأولى والثانية، يجب أن توضح اللائحة التنفيذية اختصاص المجلس الأعلى بتعيين ممثل قانونى للحالات التى يتوجب فيها البحث بغرض العلاج مما فيه صالح تلك الفئات.
وطالب «عبيد» بتعديل بعض المواد التى تتعلق بدعم الباحثين، حيث إن الدستور أكد تشجيع البحث العلمى وتخصيص ميزانية له، وكذلك ضمان حقوق المبحوثين، مؤكداً أن القانون مهم حرصاً على مستقبل صناعة الدواء فى مصر وصحة المريض المصرى، مؤكداً أن الوزير وعد بتدارك ملاحظات النقابة فى اللائحة التنفيذية للقانون عقب إصداره. من جانبها، وضعت النقابة العامة للأطباء 12 ملاحظة على مشروع قانون البحوث الطبية «الإكلينيكية»، مؤكدة فى بيان، أمس، تمسكها بملاحظاتها، لأن القانون يمس بصورة مباشرة سلامة المواطن والأمن القومى، مشيرة إلى أنه فى حالة الأبحاث الطبية العالمية، يجب النص على ضرورة اعتماد البحث فى دولة المنشأ أولاً حتى لا يتحول المريض المصرى لحقل للتجارب، حيث إن الدستور المصرى يحرم الاعتداء على جسد الإنسان أو تشويهه، مع ضرورة أن يتوافق البحث والتدخل الطبى مع المعايير الأساسية لسلامة المريض، ووضع إرشادات الممارسات السريرية الجيدة (GCP) العالمية.