وزير الخارجية يشدد لصحيفة بلجيكية على التزام الحكومة بخارطة الطريق
أجرى وزير الخارجية نبيل فهمي، لقاء مع جريدة "لوسوار" البلجيكية التي تعد أكثر الصحف الناطقة بالفرنسية انتشارا في العالم، تناول تطورات المشهد المصري وأهمية أن ينقل الإعلام الأجنبي الصورة الحقيقية لما يحدث في مصر، وشدد على التزام الحكومة بخارطة الطريق لبناء ديمقراطية حقيقية.
وأبرزت صحفية "لوسوار" في صدر صفحتها الأولى الحديث الذي أجراه مراسلها مع الوزير في القاهرة، وأفردت له مساحة عريضة تحت عنوان "مصر وخطة للخروج من الأزمة"، حيث ألقت الضوء على بعض المسارات التي تطرق إليها لوضع حد للعنف في البلاد.
وأوردت الصحيفة بإسهاب تصريحات وزير الخارجية حول العلاقات بين مصر وأوروبا، واصفة إجاباته في هذا الشأن بـ"المباشرة والواضحة"، على ضوء ما ساقه من توازنات جيو-سياسية إقليمية، مشيرة إلى ما أبداه نبيل فهمي من أسف إزاء الموقف المتسامح للاتحاد الأوروبي تجاه مرسي والإخوان.
كما أبرزت الصحيفة رفض فهمي الصريح والواضح كل المحاولات الرامية لتدويل المناقشات التي تدور حول مصر، ورأت في هذا الموقف ما يعيد إلى الأذهان "الحقبة الناصرية"، بحسب الصحيفة.
وبالحديث عن الإفراج عن الرئيس الأسبق مبارك في هذه اللحظة الحساسة من تاريخ مصر، أشار إلى أن هذا الأمر يتعلق بتطبيق القانون، معتبرا أن مسألة احترام الإجراءات القانونية تفوق من حيث الأهمية الحكم نفسه، وقال: "حتى وإن كان هذا الوضع سيجعل الأمور أكثر تعقيدا على المستوى السياسي، إلا أن الأولوية يجب أن تكون لتطبيق القانون".[FirstQuote]
وحول موقف الاتحاد الأوروبي الأخير الذي أدان فيه الاستخدام غير المتوازن للقوة من جانب السلطات من جهة، وما أسماه "إرهاب الإخوان المسلمين" من جهة أخرى، أشار إلى أن الموقف ولَّد انطباعا بأن الاتحاد الأوروبي يتعامل على قدم المساواة بين موقفين غير متكافئيين على المستوى الأخلاقي، فمن الممكن القول بأن "تدخل الحكم كان قويا أو ذهب بعيدا، لكن هذا لا يبرر بأي حال من الأحوال، ولو ضمنيا، الأعمال الإرهابية، مثل إحراق المستشفيات والمتاحف والكنائس"، لافتا إلى أن البيان النهائي الذي صدر عن اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، جاء أفضل من كثير من المناقشات التي سبقته.
ونوه في هذا الشأن بالإشارة الصريحة إلى الإرهاب التي تضمنها البيان النهائي لوزراء الخارجية الأوروبيين، مجددا رفضه تدويل الشأن المصري، مضيفا: "آمل ألا يندفع الاتحاد الأوروبي في هذا الاتجاه".
وبسؤاله عن مفهومه للتدويل، أوضح أنه "ألا يتم معالجة المسألة المصرية سواء على مستوى الأمم المتحدة أو مفوضية حقوق الإنسان، فهذا أمر غير مقبول بالنسبة لنا، ومن شأنه أن يضر بالمصالحة في مصر"، مشيرا إلى أن التدويل سيولد لدى هذا الطرف أو ذاك الانطباع بأنه يحظى بتأييد دولي، لأنه يواصل اللجوء للعنف أو بسبب اعتماده مواقف متصلبة.
وأضاف: "أنتظر من الاتحاد الأوروبي موقفا أكثر قوة في مواجهة الإرهاب الذي شهدته مصر مؤخرا"، منوها بالعلاقات الاستراتيجية بين مصر وأوروبا، نظرا لعلاقات الجوار على أكثر من مستوى بين الجانبين، داعيا إلى الاهتمام بالمسائل الاقتصادية والاجتماعية من خلال ضخ الاستثمارات وتنشيط السياحة، فور عودة الاستقرار إلى مصر.
وأكد ضرورة أن ترفع الدول الأوروبية القيود عن الرحلات المتوجهة لمصر في أسرع وقت، خاصة أن حظر التجول المفروض على القاهرة لا يشمل منطقة البحر الأحمر.
وحول الموقف الأوروبي الرافض اللجوء إلى القوة لعزل رئيس منتخب، وهو ما يعد "أمرا غير مسبوق" بحسب مراسل "لوسوار"، اعتبر وزير الخارجية هذا الموقف "غير مقبول"، مضيفا: "أتفهم جيدا أن الوضع في مصر منذ 30 يونيو الماضي أمر استثنائي، لأنه خارج عن سياق المعايير الديمقراطية المتعارف عليها، غير أن العديد من الدول الأوروبية تجاوزت خروج الملايين من المصريين، بغض النظر عن العدد سواء كان خمسة ملايين أو 20 مليونا"، متسائلا: "في حال نزول ثلاثة ملايين مواطن إلى شوارع بروكسل، ألم يكن هذا سببا كافيا لاستقالة الحكومة؟"، مضيفا: "لكن بالنسبة لمرسي، لم يكن لديه أدنى شعور بضرورة الإذعان لإرادة الشعب المصري، فالمسألة إذن لا تتمثل في كيفية انتخاب الرئيس، وإنما في كيفية إدارة الرئيس لشؤوون البلاد"، مؤكدا أن الدستور القديم لم يكن يتضمن إجراءات لعزل الرئيس، ومن ثم لم يكن أمام الشعب إلا خيار واحد، ألا وهو التظاهر.
وعن مسار مصر في المرحلة المقبلة، كشف أن مصر لا تزال في مرحلة البحث عن هوية سياسية، وأن اندلاع أعمال العنف خلال الأيام الماضية جعل هذا الأمر أكثر صعوبة، ومع ذلك "لا يوجد خيار آخر سوى إعادة الأمن وإرساء القواعد الدستورية لمستقبلنا السياسي"، لافتا إلى تشكيل لجنة تحقيق حول الأحداث الأخيرة، جنبا إلى جنب مع خطة لصياغة مستقبل مصر، من خلال إشراك كل من لم تتلوث يداه بالدم في العملية السياسية.
وأضاف أن الخطة تتضمن أيضا رفع حالة الطوارئ وحظر التجول فور استعادة الأمن، وصياغة الدستور وإجراء انتخابات تشريعية ثم رئاسية، مؤكدا أن "أمامنا مساحة زمنية تصل إلى تسعة أشهر لإنجاز هذه المهام، لكنها قد تُختصر إلى سبعة أشهر".
وحول كيفية إقناع أنصار الإخوان المسلمين بالإقرار بالخطة المذكورة، اختتم حديثه قائلا: "سنسعى لإيجاد طريقة ما، وإن كانت صعبة"، معربا عن اعتقاده أن لجنة التحقيق والشفافية في المناقشات حول الدستور وإجراء الانتخابات على نحو سليم، كل هذه الأمور من شأنها حلحلة الموقف، مشددا على أنه يتعين على الإخوان استخلاص الدروس من السنة التي أمضوها في الحكم، وأهمها أن "النظام الذي يعتمد على الإقصاء سيء، علاوة على أن الجنوح إلى العنف يجعل الشعب يتحول ضدك".