محلل سياسي لـ"الوطن": العاهل المغربي يضع السياسيين أمام خيارين
العاهل المغربي- الملك محمد السادس-صورة أرشيفية
تطرق خطاب العاهل المغربي أمام البرلمان، أمس الجمعة، بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الجديدة، لمختلف الإشكاليات التي تعاني منها السياسيات العمومية بالبلاد، حاملا رسائل واضحة للنخب السياسية من بينها تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، والإسراع بتنزيل الجهوية الموسعة، وتمكين الشباب من الاستفادة من ثمار جهود التنمية.
ومن ضمن ما دعا إليه العاهل المغربي في كلمته أمام نواب الأمة، إعادة النظر في النموذج التنموي المغربي لمواكبة التطورات التي تعرفها المملكة، من خلال "رؤية مندمجة" كفيلة بإعطائه نفسا جديدا، وبلورة سياسة جديدة مندمجة للشباب، باعتباره ثروة حقيقية ومحركا للتنمية.
وفي قراءته لمضامين الخطاب، اعتبر محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أنه اشتمل على منطلقات عملية، تنموية وبيداغوجية وضعت الأمور في نصابها، ووضعت قضايا ثقيلة على طاولة الفاعل السياسي والمؤسساتي، ما يؤكد فعلا على أن المغرب يؤسس لمرحلة مطبوعة بالحسم والحزم، مشيرا إلى أن التقاط أفكار الخطاب الملكي والعمل عليها أمر حتمي بالنسبة للحكومة والبرلمان والإدارة والمؤسسات المنتخبة.
وأضاف ذات المحلل السياسي، في تصريحه لـ"الوطن"، أن النظرة المستقبلية واضحة في الخطاب الملكي الذي يحمل فكرتين جوهريتين الأولى مفادها أن صوت الوطن بحاجة لحناجر معتنقي الواقعية والموضوعية وخاصة للشباب، وليس دعاة الاندفاع للخلف بما يحمله من ضعف، والثانية متعلقة بمحاصرة الخطاب الملكي لرواد "اللافعل"، وتفضيل الملك لاضطلاع الشباب بدور محوري في الحياة العامة.
وتابع بودن قائلا إن خطاب العاهل المغربي جاء برسائل غير قابلة للمزيد من التحليل أو التأويل، بحيث حمل وضوحا كافيا ومصداقية عالية وتوصيفا معبرا، ويمكن القول إنه واصل وضع عدد من الفاعلين في وضع حرج جدا، مشيرا إلى أن الحديث الملكي عن إمكانية اللجوء لخيار الزلزال السياسي يتضمن إشارة ضرورة بناء مشهد جديد يضع حدا فاصلا للمهزلة السياسية وكلفتها.
ووصف مدير مركز أطلس لتحليل المؤشرات هذا الخطاب الملكي بخطاب القرارات، حيث تم الإعلان عن أحداث وزارة منتدبة للشؤون الإفريقية، وخليتين للتتبع على مستوى وزارتي الداخلية والمالية، علاوة على إلزام الفاعلين المؤسساتيين بجعل الزمن عنصرا ركينا في تدبير المشاريع والالتزام بجدولة زمنية دقيقة ومرقمة، فضلا عن الإسراع بتفعيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي وإخراج ميثاق للاتمركز الذي صدرت بشأنه دعوات ملكية في أكثر من خطاب لكن أغلب الحكومات السابقة فشلت في إنجازه، وفق تعبير ذات المتحدث.
وأكد بودن أن خطاب العاهل المغربي سجل اعترافا بقوة جيل الشباب وتأثيرهم، وقدم الراهن والمرهون في المشهدين السياسي والتنموي وجاء معبرا عن تطلعات المواطنين والشباب خاصة، كما أنه ترجم حجم التدهور في الميدان الاجتماعي والسياسي، ولذلك فالملك من موقعه أعلن رفضه الاستمرار بذات السياسات التي دفعت للوضع الراهن.
وخلص ذات المحلل السياسي إلى أن الخطاب الملكي يضع المشهد أمام خيارين: الأول متعلق بإعادة النظر في محددات العمل وتغيير العقليات والإلتزام، والثاني متعلق بحدوث زلزال سياسي قادر على إحداث متغيرات استراتيجية في المشهد العام.