حقوقيون: القانون يقيد العمل الأهلى.. ويحول المنظمات إلى جهات حكومية
أعضاء مجلس النواب خلال الموافقة على قانون الجمعيات الأهلية
أكد عدد من الحقوقيين أن قانون الجمعيات الأهلية الجديد الذى أقره مجلس النواب، أمس الأول، سيكون له آثار سلبية على منظمات المجتمع المدنى والمنظمات الحقوقية، مشيرين إلى أنه لن يسمح إلا للجمعيات المشهرة فقط بالعمل فى المجال الأهلى والتنموى والحقوقى، ومن يخالف ذلك سيواجه عقوبة السجن حتى 5 سنوات، كما أنه لن يكون متاحاً لأى جمعية أن تعمل فى أى قضية لها علاقة بحقوق الإنسان إلا بعد موافقة «اللجنة الاستشارية» التى نص عليها القانون.
«البرعى»: من لن يوفق أوضاعه سيخضع للحبس.. و«أبوعقيل»: القانون يسيىء للعمل الخيرى.. و«زيادة»: يؤدى لـ«فلترة» المجتمع المدنى وفرز الصالح من الطالح
وشدد هؤلاء الحقوقيون على أن القانون الجديد سيؤثر بشكل كبير على تمويل المنظمات الدولية التى يلتزم قانونها بدعم منظمات مستقلة لا تتداخل أموالها مع جهات حكومية حتى ولو فى صورة ضرائب، مشيرين إلى أن القانون يحول العاملين فى المنظمات إلى موظفين حكوميين خاضعين لإشراف الجهاز المركزى للمحاسبات، كما يجعل الشخص يفكر ألف مرة قبل دخول أى منظمة، لأنه يعرضهم للحبس بسبب مخالفات إدارية وليس لجرائم جنائية.
وفى المقابل اعتبر مؤيدون للقانون أن تطبيقه سيكون بداية لفلترة المجتمع المدنى فى مصر وسيفرز «الصالح من الطالح»، ويكشف من يمتهن العمل به لإيمانه بقيمته، ومن يمتهنه لمجرد الكسب المالى أو تحقيق شهرة مزعومة، كما أنه سيعطى فرصة للمنظمات المحلية لإثبات ذاتها وقدراتها على العمل فى ساحة مفتوحة لها تماماً، بعد التراجع المتوقع فى عمل المنظمات الدولية فى مصر.
وقال نجاد البرعى، الناشط الحقوقى: «إن القانون الجديد لن يسمح إلا للجمعيات المشهرة فقط بالعمل فى المجال الأهلى والتنموى، لافتاً إلى أن أى مكتب للمحاماة أو منظمة حقوقية أو مكتب للمساعدة القانونية لن يستطيع العمل أو أن يكون جمعية مشهرة، دون توفيق أوضاعه طبقاً للقانون الجديد، ولن يعمل فى أى قضية لها علاقة بحقوق الإنسان».
وأضاف «البرعى»: «من لم يُشهر مؤسسته أو منظمته سيخضع، طبقاً للقانون، إلى العقوبة التى تتراوح بين الحبس سنة إلى 5 سنوات، ولابد من انتظار اللائحة التنفيذية لفهم الطرق الصحيحة لتوفيق الأوضاع للجمعيات الحالية».
وتابع: «طبقاً لهذا القانون فإن أى جمعية مشهرة أبرمت اتفاقية مع أى منظمة دولية حول أى قضية، دون أن تحصل على موافقة اللجنة التنسيقية المكونة من «الداخلية والتضامن والتعاون الدولى والأمن العام» وغيرها، يتعرض صاحب المنظمة إلى الحبس.
وأضاف: «إحدى النتائج السلبية أيضاً للقانون هى أنه لن يُسمح لأى جمعية أن تجمع تبرعات من الداخل أو الخارج إلا بموافقة الحكومة، فإذا حصلت أى جمعية على أى تبرعات لابد أن تضعها فى حسابها فى أحد البنوك التابعة للبنك المركزى، ويتم إبلاغ الحكومة بالمبلغ، وفى حالة عدم رد الحكومة خلال 30 يوماً لا بد من إعادة الأموال إلى مصدرها».
وقال حافظ أبوسعدة، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن هذا القانون سيقيد عمل المنظمات والجمعيات ويخضعها لمزيد من القيود وتدخل الحكومة فى عملها، حيث ستفقد استقلالها عن الحكومة، وأعتقد أن هذا سيؤثر على تلقى جمعيات التنمية أموال من المنظمات والمؤسسات الدولية.
وأضاف: «التمويل الأجنبى لن ينقطع بعد هذا القانون بشكل مباشر، ولكن سيتأثر بشكل كبير تمويل المنظمات الدولية التى يلتزم قانونها بدعم منظمات مستقلة، وألا تدخل أموالها لجهات حكومية حتى لو كانت ضرائب».
وقال أيمن عقيل، رئيس مؤسسة «ماعت للسلام»: «إن هناك عدداً من النتائج السلبية المترتبة على هذا القانون أولها الإساءة للعمل الأهلى والخيرى، وليس العمل الحقوقى فقط، كما أنه يحول المنظمات إلى موظفين حكوميين تابعين لإشراف الجهاز المركزى للمحاسبات عليهم، كما أنه يجعل الشخص يفكر ألف مرة قبل أن يدخل أى منظمة حقوقية لأنه يحبس الموظفين بسبب مخالفات إدارية وليس لجرائم جنائية، مما يرهب الجميع». وأضاف: «القانون يخلق عقبات كثيرة أمام التمويل».
وقال مجدى حلمى، نائب رئيس المؤسسة المصرية للتدريب، إن إحدى الكوارث المترتبة على القانون، بعد إغلاق مجال العمل العام فى مصر، أنه فى مارس المقبل لا بد أن تتقدم مصر بالتقرير الدورى الشامل لحقوق الإنسان، وهناك صعوبة هذه المرة فى ذلك نظراً لوجود تكتل دولى وعدد من المنظمات المصرية والدولية تترصد وتقف ضد مصر، لافتاً إلى أن عدد هذه المؤسسات يزيد بسبب تمرير قانون الجمعيات الأهلية الذى وافق عليه البرلمان، مضيفاً أن هناك حراكاً من قبل المنظمات المعادية لمصر فى تلك الفترة فى الأمم المتحدة.
وفى المقابل، قالت داليا زيادة، مديرة المركز المصرى للدراسات الديمقراطية الحرة: «إن تطبيق هذا القانون حتماً سيكون بداية لفلترة المجتمع المدنى فى مصر، بمعنى أنه سيفرز الصالح من الطالح، ومن يمتهن العمل لإيمانه بقيمته، ومن يمتهنه لمجرد الكسب المالى أو لتحقيق شهرة مزعومة».
وأضافت: «هذا القانون سيقلل جداً من وجود المنظمات الدولية فى مصر الفترة المقبلة بالتأكيد، سواء فى صورة منظمات تعمل هنا بشكل مباشر، أو منظمات تتعاون مع منظمات محلية، ولعلها تكون بداية للمنظمات المحلية لإثبات ذاتها وقدراتها على العمل فى ساحة مفتوحة لها تماماً».
وأشارت إلى أن إنجاز القانون بهذا الشكل أمر يحسب للبرلمان بعد انتظار سنوات فى سجالات ومناقشات طويلة، لدرجة زادت على الحد المنطقى، مشددة على أنها ترجو من الجميع أن يلتزم بهذا القانون بما فى ذلك المنظمات الحقوقية التى لم توفق أوضاعها بعد، خصوصاً أن المدافعين عن حقوق الإنسان هم الأولى باحترام سيادة القانون، داعية فى المقابل أجهزة الدولة المسئولة عن تطبيق هذا القانون لمراعاة روح النص وتيسير عمل الجمعيات لتحقيق المنفعة العامة للمجتمع.