فضاااااااااااااااايح عالم بلا تكنولوجيا.. ذلك افضل
كثيرة هى الأوقات التى تُفسد فيها وسائل التواصل والاتصال متعة الناس -خاصة الحكام والسياسيين منهم- بالأشياء، فلو عدنا للعام 1990 قبل أن يعرف العالم العربى الإنترنت بعام واحد فقط، عبر تونس، ما كانت وصلت لنا المعلومة الفذة بشأن أن «البنزين دونت ميكس ويذ الكحول»، وكان الاكتشاف العلمى ظل مجرد «نميمة» تنقل عبر أناس يشكك فى نواياهم، فيما لو كانت مصر بلا «يوتيوب» لحرم الشعب من سماع أولى كلمات رئيسهم الجديد بعد دقائق من إعلان «الجماعة» فوزه، وهو يناشد مساعده: «قول لمحمد يكلم البيت عشان هتكلم دلوقتى فى التليفزيون»، كذلك لم نكن لنُخبر بالمؤامرة الكونية التى نفذها أهل بورسعيد باصطياد الطائرات بـ«الجرينوف» من فوق أسطح العمارات، وفق السر الذى أفشاه الدكتور مرسى خلال اجتماعه بالمصريين فى ألمانيا، وكانت كلمات الراحل عمر سليمان -بشأن استعداد المصريين للديمقراطية- قد أغنتنا عن مغبة الثورة وسنينها، حين نوه بسؤاله الوجودى «بط هوين؟»، وكذلك كانت قاهرة المعز ستعيش سنوات دون أن تعرف حقيقة «المتسابة، ومبررة ولّا غير مبررة» فى غياب الفريق أحمد شفيق عن البلاد. فيما كانت كاميرات التليفونات المحمولة وسيلتنا فى كشف النقاب عن أن مشروع النهضة مجرد فكرة لم تدخل طور التنفيذ، حسبما جاء فى معرض حديث المهندس خيرت الشاطر فى إحدى الندوات «وهو مش واخد خوانة»، أو سقطت من تاريخنا الحديث تفاصيل «غزوة الصناديق». أما الدكتور ياسر برهامى فكانت كلماته بشأن الدستور -لن تخرج للنور- الذى ضحكت به القوة الإسلامية على الليبراليين، مثاراً للسخرية «بما لا يخالف شرع الله»، فى جلسة مشايخ احتفالا بتمرير «الدستور الذى يأخذك إلى الجنة»، وما هون علينا مقتل 72 مصريا فى مدرجات الكرة إلا كلمات المشير الأثيرة: «دى حوادث ممكن تحصل فى أى مكان فى العالم»، ولظلت الفضيحة تطارد «عماد الكبير» دون سند يذكر.
وبحفظ الله عقول المصريين صرنا نترجم كلمات البرادعى عن الهولوكست ترجمة صحيحة، وأصبح لدينا سفراء كالدكتور عصام الحداد يشرفون المحروسة فى أرجاء المعمورة، بعد أن كانت الوفود مقتصرة على الشيخ محمد عبده والدكتور طه حسين.
ولولا أن منّ الله علينا بنعمة «تويتر» وفى رواية قضائية «طنيطر»، ما فضفض الدكتور عصام العريان بما يجيش به صدره من حب جارف لإخوانه اليهود المشردين فى الأرض، وما كانت كلمات «أحمد المغير» فاضحة له فى أحداث الاتحادية، وما اكتشفنا وجود الدكتور البرادعى فى مصر. ولولا دخول مصر عالم التوك شو فى نهاية التسعينات ما استمتعنا بالإجابة الخالدة «أنا سعيد إنك سألت السؤال ده»، ولظللنا سنوات نعتقد أن الإعلام وقف عند حدود مفيد فوزى وحمدى قنديل وطارق حبيب، قبل أن نعرف الطفرة مع «توفيق عكاشة»، ولو عدنا للخلف سنوات، وبالتحديد فى أواخر العشرينات، مع ظهور التليفزيون على كوكبنا، لعلمنا فضله بوصول همسات مناحم بيجن فى أذن السادات وقت توقيع «كامب ديفيد» بأن «اليهود هم بناة الأهرامات».