بطء التقاضى.. «ذبح العدالة» فى ساحات المحاكم
صورة أرشيفية
يوصف بأنه «حصن العدالة والملاذ الأخير للباحثين عن العدل والحق»، تتجسد تلك القيم النبيلة فى مجسم «سيدة مغمضة العينين بيدها ميزان، وأسفل صورتها صورة لشعب يلوذ بالعدل»، لكن هذه المعانى تصطدم فى سبيل العدل والحق بكثير من المعوقات، أبرزها «بطء التقاضى» الذى يذبح العدالة فى ساحات المحاكم ويؤخر إحقاق الحق ويؤجل الفصل فى قضايا مهمة فتتحول «العدالة الناجزة» إلى «عدالة عاجزة».
قضايا إرهاب وفساد وتعويضات ونفقة تستمر فى ساحات المحاكم سنوات طويلة
مشكلة بطء التقاضى تفاقمت خلال السنوات الأخيرة عقب ثورة 25 يناير، وما تبعها من زيادة عدد القضايا المحالة للمحاكم حتى بلغ إجمالى القضايا نحو 16 مليوناً، موزعة على 7 آلاف قاضٍ فقط للفصل فيها. الأخطر هو تأخر الفصل فى قضايا الإرهاب، لدرجة وصلت لاستمرار محاكمة الإرهابى عادل حبارة حتى الآن، رغم اعترافه بقتل جنودنا فى سيناء، فيما يُعرف إعلامياً بـ«مذبحة رفح الثانية»، وإلغاء حكم إعدامه من محكمة النقض وإعادة محاكمته مرة أخرى أمام محكمة الجنايات. قد يكون القاضى معذوراً فى إطالة أمد التقاضى، كونه ملتزماً بتطبيق القوانين، قد تكون الإجراءات معقدة، وعدد القضاة قليلاً، لكن فى النهاية العنوان الذى يتصدر المشهد ويستشعره المواطن أننا أمام مشكلة كبيرة تسمى «بطء التقاضى».
البعض يرى أن المشكلة تعود تاريخياً إلى 1969 الذى شهد قرار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بعزل نحو 200 قاضٍ، لإصدارهم أحكاماً على غير هوى السلطة، وما تبعه من حدوث هزة داخل السلطة القضائية، دفعت القضاة للخوف من الفصل فى القضايا، فوصل عدد القضايا فى جلسة واحدة إلى 700 قضية. مؤخراً، بدأت الجهات المعنية تدرك خطورة المشكلة، بوضع روشتة علاج للظاهرة المتفاقمة، وقررت أندية القضاة من خلال المجلس الاستشارى للقضاة الذى يضم 21 نادياً تشكيل 4 لجان تختص كل منها بتعديل قوانين إجراءات التقاضى «المرافعات المدنية، الإجراءات الجنائية، إجراءات الطعن أمام محكمة النقض، والسلطة القضائية»، كما بدأت اللجنة التشريعية فى إجراء تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية، لكن الحقيقة أنه ليس بالتشريع وحده تنتهى المشكلة.. «الوطن» تضع أمام القارئ أسباب المشكلة وطرق علاجها.