قيادي بالجماعة الإسلامية: اللجان الشعبية بديل عن الشرطة في غيابها.. ولا يمكن تحقيق "الخلافة" الآن
أكد الدكتور "صابر حارص" أستاذ الإعلام السياسي ومستشار شورى الجماعة الإسلامية، أنه لا يمكن تحقيق «الخلافة الإسلامية» في الوقت الجاري٬ وقال في حوار مع الوطن، إن: «تحقيق الخلافة الإسلامية هدف بعيد المدى للنشاط الدعوي والفكري لقادة الجماعة الإسلامية منذ ظهورها في الثمانينات من القرن الماضي».
وأضاف أن تطبيق هذه الفكرة علي أرض الواقع يتطلب أنظمة عربية وإسلامية قوية ومؤمنة بالفكرة، وليس أنظمة ضعيفة٬ وتدور في "الفلك الأمريكي"، إضافة إلى أنها أنظمة غير شرعية من الأصل حيث جاءت بالوراثة مرة كما هي الحال في بلدان الخليج العربي، أو جاءت عبر انقلابات عسكرية، ونتيجة لهذا لا يمكن لفكرة الخلافة الإسلامية أن تتحقق على أرض الواقع حاليا ولكن في المستقبل سوف يجتهد الجميع على تطبيقها وتحقيقها.
«الوطن» حاورت "حارص" حول مواقف الجماعة الإسلامية من القضايا الجارية٬ وخاصة قرارها تشكيل لجان شعبية٬ إضافة إلى المراجعة الفكرية للجماعة٬ ورؤيتها لحادث مقتل الرئيس السادات، وكان نص الحوار كالآتي:
س: ما تقييمكم لفكرة المراجعات التي أعلنتها الجماعة الإسلامية عام 1977؟
- موقف الجماعة الإسلامية الصحيح ظهر فور إعلانها "التوبة" عن العنف واعتذارها عما صدر منها، وأصدرت 4 كتب يشكلون فكر المراجعات، و يجب علينا أن نتوجه بالشكر والتقدير للجماعة الإسلامية التي انفردت في تاريخ الإسلام السياسي بمراجعة فكرها ونقد ممارستها وإعلاء قيمة الاعتذار التي لا يمكن أن تصدر إلا من أولي العزم من الرجال٬ وأصبح فكر المراجعات نموذجا قدمته الجماعة لكل القوى السياسية والدينية لمن يريد أن يراجع مواقفه الوطنية٬ وخاصة في هذه المرحلة التي تتطلب من الجميع بداية من الرئيس وانتهاء بالصحفيين والإعلاميين، أن يراجع الجميع مواقفه ويعلن عن أخطائه واعتذاره، وتبدأ صفحة جديدة لصالح شعب فقد الأمان وأصيب بالذعر والاحباط نتيجة المصالح السياسية الضيقة التي خلقت مناخ يرتع فيه المجرمون والبلطجية في الحرق والخطف والسرقات وقطع الطرق وتعطيل حياة الناس والمتاجرة باقتصاد البلد .[Quote_1]
س: انشغلت الجماعة الإسلامية بعد الثورة بالعمل السياسي الوطني٬ ولعبت دور الوسيط بين الفرقاء السياسيين؟
- بعد ثورة 25 يناير أدركت الجماعة الإسلامية في خطابها الجديد أن ما تمر به البلاد، يتطلب أن يكون الوطن هو هدفها الأول وليس فكرة "الخلافة الإسلامية" وحجتهم في ذلك أنه لا خلافة إسلامية بلا مصر، وأن مصر طوال التاريخ الإسلامي الحديث هي التي تصدت لحملات التتار والحملات الصليبية وحررت القدس٬ وأن هناك إجماعا من العرب على أنه لا أمة عربية ولا إسلامية ولا تحريراً للقدس دون قيادة مصر، كما تدرك الجماعة أن "إمارة مصر" تعدل "خلافة إسلامية"، ولذلك وضعت الجماعة الإسلامية "مصر" نصب أعينها، وتخلت تماما منذ قيام ثورة 25 يناير وحتى الآن عن البحث عن نصيبها في الغنائم كما فعل غيرها، لأنها ترى أن مصر في هذه الآونة ليست لديها أي غنائم.
ومصر الآن من وجهة نظر الجماعة الإسلامية تحتاج إلى من ينهض بها لا إلى من يطمع فيها، وأنه استقر وجدان الجماعة أن النهوض بمصر ورفع رايتها هدفها العاجل مهما كان رافع هذه الراية "ليبرالياً كان أو علمانياً أو إسلاميا أخوانياً أو سلفياً" فكلهم مصريين.
س: الجماعة الإسلامية قدمت ملفا كاملا لحل أزمة سيناء٬ فما الحلول التي وضعتها؟
- لقد رصدت الجماعة الإسلامية أطراف كل الملف السيناوي من "متطرفين، ومهربين، وهاربين من أحكام٬ وتجار سلاح من الطرفين٬ السيناوي والغزاوي٬ وقدمت الجماعة الملف بالكامل للرئيس "مرسي"، والحل يقوم أولا على احترام القبائل وتنمية سيناء ومحاورة المتطرفين٬ والتصدي أعمال التخابر الإسرائيلية والإيرانية في سيناء٬ ووقف الحل الأمني.
س: البعض يتخوف من أن تكون دعوة الجماعة لتكوين لجان شعبية٬ مقدمة لإعادة إنتاج العنف في التسعينات؟
- اللجان الشعبية التي نادت بها الجماعة عبارة عن دعم للشرطة ولتكون بديلا عنها في حالة غياب الشرطة٬ وتستند الجماعة في ذلك علي المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تسمح للأفراد بإلقاء القبض على المجرمين وتقوم بتسليمهم لأقرب مركز شرطة، وأنه معلوم طبعا أن الإسلام يسمح بذلك دفاعا عن أرواح الناس وأموالهم.
- وفكرة اللجان الشعبية ليست المقصود بها أن تكون من أبناء الجماعة، ولكن من أبناء الشعب المصري بكل طوائفه طالما لديهم استعداد وقدرة ورغبة في مواجهة المجرمين والبلطجية، وأن التيار الإسلامي حالياً ليس لديه استعداد أن يحمل السلاح ولا يتمنى ذلك٬ وكل ما يصدر خلاف ذلك هو من أفراد لا يفهمون النوايا الحقيقية للتيار الإسلامي، وكل مواقف التيار الإسلامي طوال الفترة الماضية تدل على ذلك باستثناء "أزمة الاتحادية" وما حدث فيها من اشتباكات من بعض شباب الإخوان ضد المتظاهرين هناك.
س: تورط الجماعة في قتل الرئيس الراحل «أنور السادات»٬ يرى الكثير أنه أهم نقاط الضعف في تاريخ الجماعة الإسلامية؟
- بالتأكيد٬ مقتل "السادات" نقطة الضعف في تاريخ الجماعة الإسلامية التي تسجل ضد الجماعة، إضافة إلى بعض أحداث العنف على السياح، والتي جاءت للضغط على الدولة المصرية نتيجة الضربات القاضية التي وجهتها الدولة إلى الجماعة وأبنائها، ولكن اعتذار الجماعة عن ذلك وبيانات المراجعة عنها تجعل أي عاقل يغلق هذا الملف، وينظر إلى خطاب الجماعة الجديد وممارستها السياسية على الساحة.
س: هل يقوم تنظيم الجماعة الإسلامية على السمع والطاعة كما هي الحال لدى جماعة الإخوان المسلمين؟
- يتميز تنظيم الجماعة الإسلامية أنه يسمح بالاختلاف في الرأي لدرجة كبيرة تصل إلى حد أن يصف فيها "كرم زهدي" رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية سابقا "بأن الرئيس السادات مات شهيدا"، بينما على الجانب الآخر يقول محمد شوقي الإسلامبولي "إن قتل الرئيس السادات كان واجبا لأنه كافر٬ وحتى في قرار قتل السادات٬ اعترض مجلس شورى الجماعة في أسيوط على قرار قتل السادات باستثناء 4 من بينهم "خالد الإسلامبولي ومحمد عبد السلام فرج" صاحب كتاب الفريضة الغائبة، وأرسل مجلس الشورى رسولا لهما لإثنائهما عن فكرة القتل٬ ولكنهما كانا قد غادرا منزليهما لتنفيذ مهمة قتل السادات، وخاصة "خالد الإسلامبولي" الذي كان قد توجه إلى وحدته العسكرية وحدث ما حدث بقدر الله على غير رغبة من مجلس شورى الجماعة.
وأضاف أنه ليس صحيحا أن العميد "طارق الزمر" وقتها كان شريكا أو موافقا على قتل السادات، لكن الحق يقال إن القوى السياسية في مصر "قبلت يد الجماعة الإسلامية لقتلها السادات" بعد أن كان "السادات" قد وضع كل أطياف المعارضة في السجون والمعتقلات "مسلمين وأقباط"، لكن مقارنة "مبارك بالسادات" بعد ذلك جعلت من "السادات" بطلا حقيقياً عند كثير من قادة الجماعة الإسلامية، نتيجة لفساد "مبارك" وطغيانه وتدميره للدولة المصرية، ما أدى إلى الاقتناع بخطأ قتل "السادات"٬ ويرى أعضاء داخل الجماعة الإسلامية أن "السادات كان رئيسا مسلما بحق"٬ "وكان ينتوي تطبيق الشريعة الإسلامية"٬ وفي عهده تم تقنين الشريعة الإسلامية، وأن آراء تؤكد أنه قتل حتى لا يقوم بتطبيق الشريعة الإسلامية عبر سيناريو أمريكي وخارجي.
س: كيف تنظرون إلى الإعلام المصري بعد ثورة 25 يناير خاصة وأنك أستاذ في الإعلام؟
- الإعلام هو الوحيد المرشح لقيادة الثورة المصرية، ولا يجب أن يسمح بفتح ملفات الاختلافات، وأن يتم فتح ملفات الاتفاق ويسعي للبناء والعلاج ويتم غلق الأبواب أمام التهم والشائعات، ويجب على الإعلام أن يحرم شخصيات من الظهور لأنها تسعى لمصالح شخصية وخاصة، ويفتح الباب أمام شخصيات تعلي مصلحة الوطن، وبذلك يستطيع الإعلام قيادة الثورة المصرية.