البرلمان يحشد أسلحته لمناقشة «العدالة الانتقالية والإعلام والتظاهر».. ومضابط «الخمسين» تبحث «المصالحة»
اجتماع سابق للحكومة فى البرلمان بدور الانعقاد الأول «صورة أرشيفية»
تحديات عديدة يواجهها البرلمان فى دور انعقاده الثانى، الذى يبدأ أولى جلساته اليوم، هذه التحديات تتمثل فى قوانين «الأزمة»، التى من المتوقع أن تحدث جدلاً وخلافات تحت القبة بين النواب بعضهم البعض من جانب، وبين البرلمان والحكومة من جانب آخر.. ليبقى السؤال هل ستحقق هذه القوانين حال إقرارها «الرضا» لدى الشارع المصرى، خصوصاً الناخبين الذين حرصوا على الوجود فى الانتخابات لاختيار مرشحيهم، الذين فوجئوا بأن غالبية القوانين التى صدرت خلال دور الانعقاد الأول لم تحمل معها حلولاً لمشاكلهم المستمرة سواء على المستوى الاقتصادى أو الاجتماعى.
«هيكل»: لا مصالحة مع من تلوَّث بالدم.. و«الحريرى»: الشارع ينتظر قانونَى التأمين الصحى والإيجارات
أول هذه القوانين التى ستشهد معركة كبيرة هو «العدالة الانتقالية»، أحد الاستحقاقات الدستورية، الذى لم يتمكن البرلمان من مناقشته وإقراره فى دور الانعقاد الأول، وكانت الحكومة قد أعدت مشروعاً متكاملاً عن القانون، إلا أن المشكلة الحقيقية التى تواجه الحكومة والبرلمان معاً هى «تحديد الفئات التى تنطبق عليها المصالحة بموجب النص الدستورى»، الأمر الذى دفع النائب أسامة هيكل نائب رئيس «ائتلاف دعم مصر» للتواصل مع بعض أعضاء لجنة الخمسين لإعداد دستور 2015 لمناقشتهم فى الأمر، فضلاً عن مراجعة أوراق ومحاضر جلسات الدستور للوصول إلى رؤية حول هذه المسألة.
وقال النائب أسامة هيكل لـ«الوطن» إن الدكتورة منى ذو الفقار، عضو لجنة الخمسين، تواصلت معه حول كلمة المصالحة، لافتة إلى أنه حينما تمت صياغة المادة 241 من الدستور، لم يكن المقصود بالمصالحة التصالح مع من تلوثت أيديهم بالدماء، وإنما هو اقتراح أُطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقاً للمعايير الدولية. وأضاف «هيكل»: أنا لا أفهم مع من نتصالح، هل مع الإخوان، وهم نوعان، تيار محسوب على أفكار هذا التنظيم وآخر تلوثت يداه بدماء الشهداء من رجال الجيش والشرطة، لافتاً إلى أن فكرة تطبيق التصالح مع رموز الحزب الوطنى السابقين، فالأمر غير دقيق، لأن رموز «الوطنى» لا يندرجون تحت طائلة التصالح وإنما الحساب وردّ حقوق الدولة التى سُلبت من قبل، وشدد على أن قانون العدالة الانتقالية سيستغرق وقتاً طويلاً للنقاش، معرباً عن تمنيه إصداره فى دور الانعقاد الثانى، باعتباره أحد القوانين المكملة للدستور. يذكر أن لجنة الإصلاح التشريعى كانت قد أعدت مشروع قانون للعدالة الانتقالية، وكان من المقرر إرساله إلى البرلمان فى دور الانعقاد الأول، إلا أن هذا المشروع تم إغفاله وأعدت الحكومة مشروع قانون جديداً.
المعركة الثانية التى ينتظرها البرلمان ستكون حول مشروع قانون الإعلام الموحد، وهو أحد القوانين التى نصّ الدستور صراحة عليه فى مواده، وأكد النائب مصطفى بكرى أنه سيتقدم مرة أخرى بمشروعات قوانين إنشاء «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» و«الهيئة الوطنية للإعلام» و«الهيئة الوطنيه للصحافة»، وذلك لمناقشتها خلال الأسابيع الأولى من دور الانعقاد الجديد.
فيما تتمثل المعركة الثالثة فى إفصاح الحكومة عن مشروع قانون لتداول المعلومات، وهى من الأمور التى نص الدستور على تنظيمها بموجب المادة «٦٨»، التى نصت على أن «المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمداً، وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقاً للقانون». واللافت أن الحكومة كانت قد أعدت من قبل مشروع قانون لتداول المعلومات، إلا أن مصيره كان «الثلاجة»، وبعدها أعدت لجنة الإصلاح التشريعى ورقة عمل حول الموضوع فى عهد المستشار إبراهيم الهنيدى، وزير شئون مجلس النواب السابق، لكنها لم تر النور، وفى المقابل تقدم النائب محمد أنور السادات فى دور الانعقاد الأول بمشروع قانون لتداول المعلومات يتضمن «٦٢» مادة، تنص على إنشاء مفوضية عليا للمعلومات تتيح وتنظم تداول المعلومات.
المعركة البرلمانية الرابعة المتوقع أن تشهد جدلاً كبيراً بين البرلمان والحكومة، هى التعديلات على قانون «التظاهر» أحد أبرز القوانين التى طالبت الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى بتعديلها، نظراً لتعارضها مع مواد الدستور، الأمر الذى دفع المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، لتكليف المستشار مجدى العجاتى، وزير الشئون القانونية ومجلس النواب، بتشكيل لجنة وزارية لمراجعة التعديلات التى يتطلبها هذا القانون فى يونيو الماضى، ويأتى ذلك على خلفية النقاش الذى شهده أحد اجتماعات لجنة حقوق الإنسان فى دور الانعقاد الأول بين هيئة مكتب اللجنة ووزير مجلس النواب، الذى أعلن عن عدم نية الحكومة فى إجراء أى تعديلات على هذا القانون، وهو ما أحدث ضجراً شديداً فى الشارع المصرى، خصوصاً أن قانون التظاهر الصادر فى 2013 واجه كثيراً من الانتقادات على المستوى المحلى والدولى، وكان من أبرز الملاحظات التى طُرحت على مائدة اجتماعات الأمم المتحدة الأخيرة. وفى الأيام الماضية أعلن «العجاتى» عن قرب انتهاء اللجنة من أعمالها، إذ تتضمن التعديلات مراجعة العقوبات الواردة فى قانون التظاهر، ليتم تخفيفها بالحبس أو الغرامة فى أثناء التعامل مع المظاهرات السلمية، والإبقاء عليها فى حالات التظاهر «غير السلمى».
من جانبه، أكد النائب هيثم الحريرى، عضو «تكتل 25 - 30»، أن التعديلات على قانون التظاهر لن تحدث أزمة، مضيفاً لـ«الوطن» أنه لا بد أن نتوقع أن تحدث التعديلات حالة من الجدل الناتج عن النقاش، وهو أمر صحى، وقد تقدمت فى يونيو الماضى بتعديلات على قانون التظاهر بناء على المقترحات الواردة من المجلس القومى لحقوق الإنسان، وبعدها أعلنت الحكومة عن إعدادها تعديلات على القانون.
وشدد «الحريرى» على أن الشارع المصرى لا ينتظر التعديلات على قانون التظاهر أو العدالة الانتقالية بقدر انتظاره للقوانين التى تمس حياته، وأبرزها قانون التأمين الصحى الذى طال انتظاره، وكذلك قانون الإيجارات العقارية، وكلاهما يحتاج إلى حوار مجتمعى لضمان خروجهما بتوافق مجتمعى.