جمعة توفيق: الصعيدى الهارب قادنا لـ«المتهم المجهول»
عام 1989، كان العميد جمعة توفيق، رئيس المباحث الجنائية لقطاع غرب الجيزة.. برتبة رائد وكان يشغل آنذاك رئيس مباحث أكتوبر.. العميد جمعة توفيق لايزال يتذكر تلك الجريمة التى لم يكشف فيها هوية المجنى عليه رغم إلقاء القبض على المتهم بعد شهرين من الجريمة.
العميد «جمعة» قال لـ«الوطن»: كنا فى صيف عام 89.. تلقيت بلاغاً من الأهالى بمنطقة أكتوبر بالعثور على جثة طفل مقتول وملقى بعقار تحت الإنشاء.. انتقلت ومعى 3 ضباط من القسم إلى مكان البلاغ.. وجدنا المجنى عليه طفلاً لا يتجاوز السابعة من عمره جثه هامدة، ملقى على وجهه أسفل العقار.. عاينت الجثة.. الطفل كان بوجهه احمرار وزرقة.. مما يؤكد أنه مات مخنوقاً.. حررت محضراً بتفاصيل الواقعة.. شكلت فريق بحث للعمل فى القضية وفك اللغز.. وأخبرنى الطب الشرعى بأن الطفل مات نتيجة اختناق.. وبه آثار احتكاك ويرجح محاولة اغتصاب.
حددنا دافع الجريمة.. الجانى تخلص من الضحية بعد فشله فى محاولة اغتصابه.. بدأنا خطة البحث بفحص قاطنى منطقة أكتوبر والمترددين عليها من العمال.. طبعاً الكلام ده من حوالى 24 سنة كانت أكتوبر صحراء والسكان كان عددهم قليلاً.. وفحصت كل المترددين والسكان اللى موجودين فى المنطقة والمشتبه فيهم.
كل يوم نفحص ونناقش أشخاصاً وعمالاً وسكاناً.. ولكن لم نتوصل إلى أى دليل.. ولم نتمكن حتى من الوصول إلى هوية القتيل.
45 يوماً لم نتوصل لأى دليل يقودنا إلى القاتل.. نشرت صورة المجنى عليه فى الصحف القومية والقنوات الأولى والثانية والثالثة.. ومفيش جديد.
أعلنت للضباط والأفراد فك فريق البحث اللى استمر 45 يوم.. ولكن الجريمة لم تغب عن ذهنى.. وخلال شهرين من الجريمة كنت أمارس عملى بشكل عادى.. وأعمل فى جرائم سرقات بالإكراه فى المنطقة.. ومروح بيتى وأنا ماشى بالسيارة حوالى الساعة 5 آخر النهار.. وكنت بتحرك من الحى السابع وقبل وصولى لميدان جهينة.. فوجئت بانقلاب سيارة ملاكى على الجانب الآخر من الطريق.. فيها شخصان يستغيثان.. ركنت السيارة بتاعتى.. وأخذت المصابين فى سيارتى وذهبت إلى مستشفى 6 أكتوبر وكان المستشفى «معدوم الإمكانيات».. أفتكر من بين المصابين كان فيه مهندس اسمه توفيق.. وأنا راجع من المستشفى لقيت الساعة 7 صباحاً.. قلت خلاص مش هروح أنا هارجع على القسم.
وعقب وصولى القسم بحوالى نصف ساعة لقيت واحد اسمه محسن بيعمل مشروبات للعاملين فى العقارات اللى تحت الإنشاء.. وكان معاه طفل عمره 12 سنة «صعيدى»، وهربان من أسرته.. ودخل المكتب عندى.. قالى يا: «جمعة بيه».. الولد ده هرب من أهله فى سوهاج.. وقالى إن فى واحد كان عايز يغتصبه.. بصيت للولد وسألته عن الواقعة قالى:«أنا جيت من سوهاج علشان ما جبتش مجموع كبير فى سنة سادسة ابتدائى.. هربت من أبويا لأنه كان زعلان.. ولما نزلت من «القطر» ووصلت لميدان الرماية.. لقيت شاب قالى تعالى أنا هشغلك وهنايمك.. وخدنى من ميدان الرماية لحد «هنا» يقصد منطقة أكتوبر ورحنا فى عقار تحت الإنشاء وكان بيقلع بنطلونه.. أنا مكنتش فاهم هو بيعمل إيه بس أنا شفت معاه كارت وقع من محافظته.. مكتوب عليه اسمه محسن للموبيليا.. وأنا هربت منه.
أخدت الولد من إيده.. وانطلقت على ميدان الرماية.. وفضلنا ندور على المتهم.. وبعدين لقينا هناك محل اسمه «محسن للموبيليا».. وأشار الولد إلى شاب «لون بشرته سمراء».. مسكته.
وبدأت فى مناقشته فى تلك الواقعة.. أنكر فى بداية الأمر.. وبعدين بدأ يعترف على الواقعة دى و3 وقائع أخرى.. وتبين ليا أن المتهم عنده 17 سنة «شاذ جنسياً».
وناقشته فى واقعة الطفل اللى كانت مات من فترة.. اعترف.. وقال إنه استدرجه من ميدان الرماية وأثناء اغتصابه.. بدأ يصرخ وكان هيفضحه.. كتم نفاسه.. لحد ما مات.. أنا وصلت إلى المتهم.. ولم أتوصل إلى هوية المجنى عليه حتى الآن.. المتهم ده لأنه حدث اتحكم عليه بالسجن 15 سنة وأفتكر أنه كان جسمه أكبر من سنه.. وصحته مساعداه ليرتكب أى جريمة.