فى حياة المصريين مجموعة من المصطلحات اللغوية الدارجة الخاصة التى لا يفهمها غيرهم. ففضلاً عن المغالاة فى استخدام كلمة «البتاع» لوصف أى شىء، هناك أيضاً مصطلحات مثل «ورا مصنع الكراسى»، وهو البديل العصرى لـ«وراء الشمس». أو جملة «أسيادنا راضيين عليك»، وهى تشبه وسام التقدير الشعبى.
هناك أيضاً مصطلحات عبثية مفهومة، مثل جملة: «اتكلم وانت ساكت!» أو تركيبات مثل «قمت قاعد هناك» أو «قعدت أمشى كتير»، أو «روحت جاى عليهم». ويحدث أيضاً أن نستعيض عن أفعال بأخرى غريبة، مثل: «أضرب» شاى، بمعنى أشرب، و«ولع» التليفزيون بمعنى شغله! وسوف يطاردك الأمر فى بيتك، فتصل إليه، لتجد من يسألك «انت جيت؟»، أو تنام فتسمع «انت نمت؟».
كذلك نستخدم صلة القرابة فى تركيبات سحرية، فإن أنت مثلاً حلّفت شخصاً بأبيه وقلت «وحياة أبوك»، فهذا يفيد الرجاء، ولو انتقلت إلى زوجة الأب وقلت «وحياة أمك» فهو سباب صريح، وإن وصلت إلى أختها وقلت «وحياة خالتك»، فأنت تعنى أن الذى يُحدّثك كاذب.
ولعل كلمة «زمبؤلك كده» (مثلما أقل لك هكذا)، لها نصيب وافر فى حياة المصريين، فيا عزيزى القارئ صدّقنى فى ست نقاط تالية «زمبؤلك كده»:
1 - فكرة أن كل من يُعارض وينتقد نظام الحكم هو خائن وعميل هى فكرة ساذجة وخاطئة بالكلية، لأن العملاء والخونة يوجدون فى المعسكر المؤيد، إذ إنهم ينتحلون دوماً صفات الوطنية والولاء والانتماء، ويبتعدون عن كل ما يثير الشوشرة والإزعاج.
2 - تحديد الحد الأقصى للأجور هو إجراء مُخرّب للمؤسسات العامّة؛ لأنه يضر بقواعد «التنافسية»، ويجعل أصحاب الكفاءات يعملون فى القطاع الخاص الذى ينجح بهم، فيما يقبل أصحاب الكفاءات المنعدمة بالعمل، فى ظل هذا الحد، فتفشل المؤسسات.
3 - «السلع الاستفزازية» ليست كلها استفزازية كما يبدو! بل إن بعضها مهم للغاية، فمعمل التحاليل الطبية مثلاً لن يحصل على شهادات جودة دون نوعية معينة ومستورَدة من المناديل، والفنادق لن تحصل على النجمة الخامسة مثلاً إلا بماركات محدّدة لمنتجات العناية الشخصية وهكذا.
4 - أغانى المهرجانات ليست رجساً من عمل الشيطان، بل هى إيقاعات مبهجة نابعة من طينة هذه الأرض (مثل الراب الأمريكى والراى الجزائرى)، وليست مستورَدة كعادة إبداعنا، ويمكن بقليل من التهذيب، خصوصاً فى الكلمات، تحويلها إلى قوة مصرية ناعمة تغزو العالم.
5 - يُضيِّع المصريون وقتهم فى محاولة نطق اللغة الإنجليزية مثل متحدثيها الأصليين، وهذا أمر غير مهم على الإطلاق! لأن الأصل أن تكون اللغة مفهومة للطرف الآخر، لا أن تكون مطابقة لمصدرها. وكل شعوب العالم تنطقها بلكنة محلية خاصة، لكنها شعوب تثق بنفسها، ولا تعانى من «عقدة خواجة».
6 - سلسلة الحرائق التى تحدث كل فترة هى وهم إعلامى أكثر منه حقيقة واقعة؛ والقصة أنه بمجرد حدوث حريق واحد كبير، يتوجّه الإعلام بكامل طاقته لتغطية أخبار أى شعلة لهب صغيرة فى أى مكان، فيتصور الناس أن الدنيا كلها حرائق (معدل مصر الطبيعى فى الحرائق نحو ألفين وخمسمائة حريق شهرياً، أى حريق واحد كل سبع عشرة دقيقة). الحرائق تحدث فعلاً، لكن الوسائل الإعلامية تريد إضفاء طابع «درامى» على الأحداث فتضيف أوصافاً مبالغاً فيها للحرائق، مثل «هائل» و«كبير» و«ضخم»، فتحول العادى إلى خارق.